*مجلس القيادة والإعتراف بقضية شعب الجنوب الوطنية*

صالح شائف
بداية لا بد من التأكيد هنا بثقة ويقين تام لا غموض ولا لبس فيهما؛ من أن قضية الجنوب العادلة والمشروعة كانت وستبقى حية لن تموت مهما تعاظمت التحديات والمخاطر والمؤامرات عليها؛ لأنها الرئة الوطنية التي يتنفس منها شعبنا الجنوبي الصبور والمكافح؛ وهي عنوان عزته وحريته وكرامته؛ وهي القضية التي كانت قد بدأت وتبلورت وبوضوح كامل بعد إسقاط مشروع الوحدة بين الدولتين بالحرب العدوانية الظالمة على الجنوب عام ١٩٩٤م .
وتحولت منذ ذلك الحين الوحدة التي كانت طوعية وسلمية إلى إحتلال مباشر غاشم مكتمل الصفات والإركان؛ وصار الجنوب ساحة للنهب والسلب والسطو على ممتلكات الدولة الجنوبية وتحويلها إلى مشاريع إستثمارية خاصة لقوى النفوذ والإرهاب؛ وكمكافئات سخية وحسب دور القيادات التي شاركت بالقتل والعدوان على الجنوب وأهله؛ ولأولئك الذين تولوا المسؤوليات القيادية العسكرية والأمنية والمدنية في الجنوب بعد عام ٩٤م وأمعنوا في قمع الجنوبيين وإخضاعهم للإضطهاد والملاحقات والزج بهم في السجون؛ وسمح لهم أيضا بالإستيلاء غير المشروع على ممتلكاتهم ومنازلهم الخاصة؛ ناهيك عن تسريح عشرات الألاف من الجنوبيين من وظائفهم المدنية والعسكرية؛ بل ووصل الأمر بسلطات الإحتلال وضمن خطة جهنمية تدميرية شاملة؛ إلى محاولة محو وطمس كل ما له علاقة بأرث وتراث الجنوب الوطني والتاريخي والحضاري .
ومن هذا المنطلق ولإعتبارات كثيرة ولأسباب عديدة تتعلق برد الإعتبار للجنوب وحقوقه الوطنية وفي مقدمتها حقه في إستعادة دولته؛ وإثباتا للمصداقية وتجسيدا للشراكة القائمة في إطار سلطة المرحلة الإنتقالية المؤقته؛ فإن الإعتراف والإقرار بقضية شعب الجنوب الوطنية العادلة علنا من قبل مجلس القيادة الرئاسي أصبح ضرورة ملحة تسبق أي إجراءات وخطوات لضمان نجاح التسوية وإيصالها بسلام إلى محطتها الأخيرة؛ ليتم بعد ذلك الإتفاق على فريق التفاوض المشترك وبالمناصفة بين الطرفين؛ والتوافق كذلك على دور ومهام وآلية الفريق التي تنظم عمله وتحكم أنشطته ومساراته المختلفة؛ مع ضمان وجود الإطار الخاص بقضية شعب الجنوب الوطنية بالضرورة في ملف التسوية النهائية الشاملة وبضمانات إقليمية ودولية وبإشراف الأمم المتحدة .
إن قضية الجنوب ليست حقوقية أو سياسية محضة؛ بل هي قضية وطن وشعب وهوية لا يمكن لأي كان أن يشطبها من معادلات التسوية المرتقبة؛ أو يقفز عليها ولا حتى الإنتقاص منها أو الإلتفاف عليها؛ لأن الضمانة الأكيدة والحقيقية تكمن بإرادة شعب الجنوب العظيم الذي قدم ومازال يقدم قوافل ممتدة من الشهداء وطابورا طويلا من الجرحى والمصابين والمعاقين؛ وقدم كذلك نموذجا وطنيا وإنسانيا وأخلاقيا مشرفا في صبره ومعاناته المتعددة الأشكال والألوان .