كورونا .. والحكم الرشيد

﮼هاني السعدي اليافعي

لا يبدو عالم ما قبل كورونا كما بعده، نسير وكأن العالم انتقل من عصر إلى عصر بين ليلة وضحاها، بدا ذلك جليّا في اكثر من قطاع .. منها على سبيل المثال .. التأثر السلبي لاقتصادات الدول .. والتغير الكبير في سلوك البشر وأولوياتهم .. وحتى وصل الأمر إلى العلاقات السياسية بين كبار اللاعبين على مستوى العالم.

فاجئت الجائحة العالم دون سابق انذار، وانكشف عوار الكثير من الحكومات التي لطالما تغنت ببنيتها التحتية ونظامها الصحي المتقدم، وأعادت الحكومات النظر في الخطط الاستراتيجية وسياساتها لمواجهة الكوارث، ولعل من لطف الله بعباده ان الدول النامية كانت من أقل دول العالم تضرراً .. ومنها طبعاً وطننا الحبيب.

ما تحدثنا عنه سابقاً من عملية إعادة تقييم حكومات العالم لخطط مواجهة الكوارث والنوائب ارشدهم إلى التحوّل الكامل لنظام الحكومة الذكية، طبعاً مستغلين بذلك بنية تحتية قوية في نظام الاتصالات، وهنا يطرح السؤال نفسه وبقوة.

ما مصير المليارات التي صُرفت على بناء مباني حكومية ضخمة باثاثها الفخم طالما وان الاحترازات الوقائية الصحية تمنع التواصل المباشر بين الجمهور والدوائر الحكومية المختلفة، ناهيك من ان الاجراءات الذكية عبر الانترنت اثبتت نجاحها في الكثير من الدول.

أليس الأجدر بحكومتنا .. سواءً حكومة المناصفة أو الحكومة الرشيدة لدولة الجنوب القادمة بإذن الله .. أن تستفيد من هذا الدرس وتركز استثمارها على إنشاء بنية تحتية ذكية متقدمة بدلاً من إنشاء المكاتب والمباني الضخمة التي سيمنع الشعب من زيارتها عند أول جائحة قادمة لا سمح الله.

فلنبدأ من حيث انتهى الآخرون إذا اردنا بناء جنوب حديث، ولا داعي لإهدار مقدرات الشعب على المباني الضخمة والمكاتب الفخمة، وان نكتفي من المباني ما يسد الحاجة الضرورية فقط