اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
مقالات الراي الجنوبي

عربة بثلاثة شلنات.. ذاكرة الراشن في كريتر

عربة بثلاثة شلنات.. ذاكرة الراشن في كريتر

كتب / بسمة نصر

في زمن لم تكن فيه السيارات في متناول الجميع، كان الحصول على وسيلة لنقل مؤن البيت مهمة شاقة. فاستئجار سيارة “إنجيز” كان رفاهية لا يقدر عليها إلا القليل، أما الغالبية فلم يكن أمامها سوى حل واحد: الجاري الخشبي، عربة بسيطة تتحول عند الحاجة إلى شريان حياة للأسرة.

كانت تلك العربات تنتظر في مواقع محددة عند حوافي كريتر، حيث يرسل الأهل أبناءهم لاستئجار واحد منها. نظام العمل كان لافتا، أصحاب الجواري يسيرون وفق أدوار دقيقة، فلا فوضى ولا تزاحم، تماما كما لو كنت تقف في طابور لسيارة أجرة خصوصية.

الأجرة؟ ثلاثة شلنات فقط. مقابل هذا المبلغ الزهيد، لا يكتفي الحمال بدفع الجاري، بل يرافقك حتى “المؤسسة” ليعينك على حمل الراشن، ثم يوصلك إلى البيت، وينزل معك المؤن حتى عتبة الباب. رحلة قصيرة، لكنها بالنسبة للأطفال كانت مغامرة وبهجة، يركضون خلف الجاري كأنها لعبة لا تنتهي.

ورغم قسوة الظروف وبساطة الوسائل، إلا أن تلك الأيام بقيت عالقة في الذاكرة بما تحمله من دفء وطمأنينة. أيام يصفها الكثيرون، ومنهم الكاتب {بلال غلام حسين}، بأنها كانت أكثر متعة وصدقا من حاضرنا، حيث البساطة صنعت المعنى، والجهد اليومي منح الحياة طعما مختلفا.

زر الذهاب إلى الأعلى