رواية: “تحت الطاولة”
كتب/ بسمة نصر
(فصل 1: كاشير لا يبتسم)
اسمي نيسان
أعمل كـ”كاشير” ومسؤولة مبيعات في محل جوالات يقع في زاوية مزدحمة من مدينة عدن.
قد يظن البعض أنني مجرد موظفة تحسب الأسعار وتسلم الفواتير…
لكن الحقيقة؟
أنا أرى كل شيء.
الذي لا يقال، يقال أمامي.
الذي لا يفعل أمام الكاميرا، يفعل أمام عيني.
منذ أسابيع وأنا أراقب المهندسة التي تجلس على بعد مترين مني.
في كل مرة تأتي عميلة تسأل بتوتر:
– “أنتِ اللي راح تصلحي الجوال؟ فيه صوري الخاصة…”
وترد المهندسة بصوت واثق، تحلف، وتطمئن العميلة.
لكن ما إن تذهب، حتى تعطي الجوال للمهندس في الخلف.
أشاهد كل هذا، وأنا أُمرر السعر على شاشة الكاشير، وأبتلع القسم.
يأتي شاب يريد تفعيل واتساب برقم تابع لشركة خرجت من عدن…
تقوم المهندسة الاخرى بهدوء، وتفعل له كل شيء.
تأتي عميلة تطلب نفس الخدمة…
تقابل بالصد، والعبارات الجافة، والرفض التام.
لماذا؟
لأن العميلة جميلة وصوتها مهذب.
لأن الموظفة الاخرى تغار من العميلة.
لأن وجودها لا يدر مالا سريعا… فقط صداع.
أذكر يوما أن شابا اشترى جوالا، وقال أمامي:
– “لو فيه أي عطل، برجع لكِ، أمانة؟”
ردّت المهندسة الاولى بلطافة:
– “أكيد، تعال لي أنا شخصيا”.
وفي اليوم التالي، عاد وهو غاضب… الجوال لا يعمل.
تغير وجهها، وبدأت تسوق له حججا ضعيفة.
قال وهو يصرخ:
– “بس قلتي ترجعيني لو حصل شي!”
ردت بجفاف:
– “مش أنا اللي ببدل… روح للمدير”.
لكن المدير، كعادته، لا يخرج.
يدفع بنا نحن، الفتيات، إلى الواجهة… ثم يختبئ.
كل يوم، أشهد مواقف كتلك.
أسمع القسم يكسر.
أرى العميل يخدع.
ولا أستطيع أن أتكلم، فقط أقول في نفسي:
“هنا تباع الأجهزة… وتكسر الثقة”.
..يتبع ( كل خميس)