شبام تُعلن: لا جنوب من دون حضرموت… ولا حضرموت خارج الجنوب

النقابي الجنوبي/تقرير/خاص
في قلب مدينة شبام، حيث تتقاطع الحضارة مع الذاكرة وتناجي المباني الطينية عصور النضال، احتشدت الجماهير الجنوبية الثلاثاء في مهرجان وُصف بـ”الأضخم في تاريخ المدينة”، ليس فقط لإحياء الذكرى الثانية والستين لثورة 14 أكتوبر المجيدة، بل ليقولوا بصوت واحد: حضرموت ليست كياناً منفصلاً، بل هي جوهر الهوية الجنوبية وعماد مشروع الدولة القادمة.
لم يكن الحدث مجرد تظاهرة شعبية أو احتفالاً طقسياً. فالساحات امتلأت بالأعلام الجنوبية، وصور الرئيس عيدروس الزبيدي رُفعت بثقة، وشعارات الحشد جاءت واضحة وحاسمة: تفويض جماهيري للزبيدي، دعم لقوات النخبة الحضرمية، ورفض قاطع لأي وصاية خارجية أو مشاريع صغيرة تسعى لعزل حضرموت عن محيطها الجنوبي. كل ذلك شكّل رسالة سياسية مباشرة لكل من يحاول زرع شرخ في الجسد الجنوبي الموحد.
في هذا السياق، أكد محمد عبدالملك، رئيس القيادة المحلية للمجلس الانتقالي في وادي حضرموت، أن احتضان أبناء حضرموت لمهرجان شبام يحمل رسائل سياسية وتاريخية هامة، مشيراً إلى أن الاحتفال يشكل محطة جديدة للتصالح والتسامح بين أبناء وادي وصحراء حضرموت. وجدد التفويض للرئيس الزُبيدي، مشدداً على أن تحرير مديريات الوادي وتسليم شؤونها الأمنية لأبنائها مطلب لا تراجع عنه.
أما علي الكثيري، رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي، فربط الحاضر بالماضي حين قال: انطلاق الثورة المسلحة عام 1924 من وادي حضرموت كان جزءاً من تراكمات النضال ضد الاحتلال البريطاني حتى ثورة 14 أكتوبر. ورأى أن الخلافات الحالية، مهما اشتدت، لا تبرر التفريط بوحدة الجنوب، داعياً إلى فتح الأبواب للحوار مع كل أطياف المجتمع الحضرمي، لكنه حسم الموقف بوضوح: حضرموت قد حسمت خيارها… ولن نقبل العودة إلى ما يسمى باليمن الاتحادي أو إعادة إنتاج الوحدة بأساليب أخرى.
البيان الختامي للمهرجان جاء حاسماً في تأكيده التمسك بالخيار الوطني الثابت: استعادة دولة الجنوب الفيدرالية المستقلة على حدود ما قبل 1990، معلناً أن حضرموت ستبقى قلب الجنوب. كما طالب صراحة بخروج قوات المنطقة العسكرية الأولى وتسليم المهام الأمنية إلى قوات النخبة الحضرمية فوراً، في إشارة مباشرة إلى صراع النفوذ الأمني الذي يهدد الاستقرار الداخلي.
ما جرى في شبام، إذن، لم يكن استذكاراً روتينياً لحدث تاريخي، بل محاولة جادة لتوحيد الخطاب الجنوبي في لحظة حرجة، حيث تتصاعد بعض الأصوات إلى “فيدرالية حضرموت” أو “حكم ذاتي خاص” ضمن دولة الاحتلال اليمني. وجاء الرد من قلب المدينة التاريخية واضحاً وحاسماً: لا جنوب من دون حضرموت، ولا مكان لحضرموت خارج الجنوب.
ختاماً، شبام التي عرفت كيف تحفظ هويتها، قررت اليوم أن تكون منبراً للوحدة الجنوبية. فالمدينة لم تحتفل بالماضي فحسب، بل أعادت تعريف الانتماء، وحولت ذكرى أكتوبر إلى مناسبة وطنية تؤكد أن مشروع الدولة الجنوبية الفيدرالية ليس رفاهية سياسية، بل ضرورة وجودية لضمان الحقوق والخصوصية لجميع مكونات الجنوب، وفي مقدمتها حضرموت.