تعز تغرق في الفوضى.. ثلاث جرائم خلال 72 ساعة تكشف عجز الدولة وسطو المليشيات الإخوانية

النقابي الجنوبي/تقرير/هشام صويلح
في فترة زمنية لا تتجاوز أيامًا قليلة، شهدت مدينة تعز ثلاث حوادث مروعة سلطت الضوء على الانفلات الأمني الذي يغرق فيه المدينة. من إعدام ميداني لطفل برصاص مسلح في حي بير باشا إلى اغتيال لاعب رياضي، وصولًا إلى اشتباكات دامية بين فصائل عسكرية تتنازع السيطرة على مناطق حيوية، تعز تشهد تصاعدًا غير مسبوق في جرائم العنف والانتهاكات. هذه الحوادث، رغم اختلافها الظاهري، تلتقي في نقطة واحدة: انهيار النظام الأمني في المدينة وضعف الدولة أمام المليشيات الإخوانية.
الحدث الأول:
الاشتباكات بين فصائل المليشيات
في 6 مايو 2025م، اندلعت اشتباكات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة بين مجاميع مسلحة تنتمي إلى الألوية العسكرية التابعة لقيادة محور تعز، والذي تهيمن عليه مليشيات الإخوان المحسوبة على الشرعية.
الاشتباكات، التي قادها القياديان خطاب الياسري وبكر صادق سرحان –الأخير محكوم عليه بالإعدام وصادرة بحقه أوامر ضبط قهرية– اندلعت بعد محاولة اقتحام مصنع الشيباني في منطقة الحصب.
أسفرت المواجهات عن إصابة عدد من الأفراد، وسط حالة ذعر بين المواطنين والطلاب في المراكز الامتحانية المجاورة لموقع الاشتباكات.
هذه الاشتباكات تُعد نموذجًا واضحًا لحالة الانفلات الأمني والصراعات البينية بين فصائل مليشيات الإخوان المحسوبة على الشرعية، التي تسعى للسيطرة على موارد المدينة ومواقعها الحيوية، ما يجعل تعز ساحة دائمة للفوضى والمعاناة.
الاشتباكات بين فصائل الألوية العسكرية في تعز هي علامة أخرى على الانفلات الأمني وتصفية الحسابات بين المليشيات المسلحة، التي تتنافس على السلطة والموارد. الحرب الداخلية بين هذه المليشيات تخلق فراغًا أمنيًا ينعكس سلبًا على حياة المدنيين، حيث تتسبب هذه الاشتباكات في تعطيل حياة الناس وتدفقهم نحو مناطق أكثر أمنًا، إلا أن الواقع يتفاقم ويزداد سوءًا مع مرور الوقت.
الحدث الثاني: إعدام الطفل مرسال عبدالله الزبيري
في مساء الجمعة 9 مايو 2025م، تعرض الطفل مرسال عبدالله عيدروس الزبيري لعملية إعدام ميدانية مروعة في حي بيرباشا وسط مدينة تعز، إثر خلاف بسيط بينه وبين طفل آخر على لعبة بلياردو.
تطور الخلاف إلى اشتباك بالأيدي، فاستنجد أحد الأطفال بوالده، الذي حضر إلى المكان برفقة مجموعة مسلحين. على مرأى من الناس، اعتدى على مرسال بالضرب ثم أطلق عليه النار عمدًا مستهدفًا قلبه، رغم توسلات الطفل التي صرخ فيها قائلاً: “لا تقتلناش”.
الجاني يدعى كامل زيد الشرعبي، وتفيد المصادر أن الحادثة جاءت ضمن سلسلة من جرائم الانفلات الأمني التي تعيشها مدينة تعز الواقعة تحت سيطرة مليشيات الإخوان المحسوبة على الشرعية.
هذه الجريمة تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن تعز تعيش حالة من الانفلات الأمني المروع. في ظل غياب فعلي للسلطة الأمنية والقانونية، تتحول المدينة إلى ساحة مفتوحة للقتل والاعتداءات. وبالرغم من شهود عيان كانوا في موقع الحادثة، فإن العدالة تبقى غائبة، لتظل جرائم من هذا النوع تتكرر دون محاسبة.
الحدث الثالث: اغتيال اللاعب عبدالحفيظ أنور
في صباح الجمعة 9 مايو 2025م، أقدم شاب يدعى هشام دماج العديني على قتل صديقه عبدالحفيظ أنور، لاعب نادي الصقر الرياضي والمعافر لكرة اليد، غدرًا، قبل أن يفرّ للاختباء عند أحد قيادات مليشيات الإخوان المحسوبة على الشرعية في تعز.
الحادثة وقعت بعد أيام فقط من استقبال عبدالحفيظ مولوده الجديد، ما أضفى بُعدًا إنسانيًا مؤلمًا على الجريمة.
وتُعد هذه الجريمة امتدادًا لحالة الفوضى والانفلات الأمني المستمر في مدينة تعز، خصوصًا في مناطق النفوذ التي تسيطر عليها مليشيات الإخوان المحسوبة على الشرعية، حيث تسجل المدينة تزايدًا في حوادث القتل والانتهاكات المسلحة دون وجود أي محاسبة أو تدخل فعال من الجهات الأمنية.
قتل عبدالحفيظ أنور يمثل مثالًا آخر على الانفلات الأمني الحاد في تعز، وهو أيضًا نموذج مؤلم لتفشي العنف المجاني في المدينة. في وقت يتوقع فيه الناس العيش بأمان، يتحول الاحتكاك البسيط إلى جريمة قتل بشعة. الجريمة في حد ذاتها تحمل بُعدًا إنسانيًا مؤلمًا نظرًا لتزامنها مع استقبال عبدالحفيظ مولوده الجديد، مما يضاعف المعاناة التي يمر بها أهل الضحية.
ختاما:
ما حدث في تعز ليس مجرد سلسلة من الحوادث المعزولة، بل هو نتيجة حتمية لانهيار المنظومة الأمنية وهيمنة المليشيات المسلحة على المدينة. المظالم تتراكم، والضحايا يتساقطون يومًا بعد يوم، بينما تستمر المدينة في معاناتها من الاضطرابات والفوضى.
تعز، التي كانت تعرف بأنها عاصمة الثقافة والحياة، أصبحت اليوم مدينة منكوبة في ظل غياب الأمن والعدالة. الاحتكام إلى العقل والحوار، ووقف الانفلات الأمني، أصبح ضرورة ملحة من أجل إنقاذ ما تبقى من الأمل في استقرار المدينة وسلامتها.
يجب أن تتضافر الجهود من أجل إعادة هيبة الدولة وفرض القانون، ولا يمكن ترك تعز كضحية لتفشي المليشيات العسكرية وانتشار جرائم القتل والانتهاكات في كل ركن من أركانها.