(الضالع ارض الشهداء)

كتبت /أماني الهلالي
كانت أيام عجاف وليالي ثقال كفنت جسدي السقيم ،وعكة صحية ونفسية أضعفت قواي.. كنتُ أظنُ أنني أقوى إمرأةٌ بالدنيا وأنني أتحمل الأوزار بصلابةِ إلى أن جاء يوم المنى كنت أنتظره منذُ سنوات طوال.. وسار بي الإشتياق إلى( الضالع أرض الشهداء)ترجل المرض الذي أعتلى روحي وشددت الهمم.. أنها أرض الإنتصار وددتُ دائماً أن المحها وأن أُقبِل جبين تلك الأم التي طالما وضعتُ أمومتي في جوفها وعادت خائبة .. رحلة مملوءةٌ بالحماس ،رفقةٌ نسويةٌ جنوبيةٌ تفوحُ رائحة الياسمين من راحِلتِها..ماهذهِ السكينة التي عانقتني وكأنها أرض مقدسة ! مهلا ولما العجب هذه الضالع صانعة الشهداء ولادةٌ بهم النساء.. أطفالها ثوار ورجالها أحرار ونساؤها كأنهن البدر في ليلة ظلماء .. تلك الأرض كأمرأة أربعينية تمتزج جمالاً وقوة عاشقة لمن يُحبها ..عصية علئ من يستهين بحريتها وفيةٌ لقائدها عضد لرجالها لاتخضع إلاّ لربها .. تلك الحسناء تبدلت بعنجهية العدو خنساء ترجلوا شهيد وشهيد..لم نرى خنساء واحدة إنهن خنساوات كُثر ماذا أسقتهم هذه الأرض للتتصلب فطرتهن في الحزن ..
إبتسامُ وترحيب كرمٌ حاتمي تهليلا وتسهيل راحة وأمان ونكمل المشوار .. رياحُ تداعب أحزاني التي كنتُ أظنها فاقت وسعي وكأنها تربتُ على كتفي أين حُزنك من أحزانهن فخجلتُ وأحنيتُ رأسي تلفّحني تراب تلك الأرض الصامدة فرفعت رأسي وأنا إمرأة أخرى .. تغيرتُ بلحظتها رمتتُ أوجاعي الطفولية إتكأتُ على ساعدي المدلل أخرستُ عويلي الشاحب أين أنا منهن أين خسارتي من خساراتهن؟
وتبتُ بقوةٍ أيقنتُ أن النساء هن من يصنعنّ الرجال إجتمع بداخلي الف الف رجل منحتني تلك الأم بعظمتها القوة تعلمت الأصرار وأن لاعيب في البكاء دون إتكاء.. قدوتي خنساوات الجنوب قيادتي صنعتهم أرضها الوفية ..إنتهت ساعات رحلتي وكأنها لحظات فبدأ الشوق قبل الرحيل ودعنا أرضها وسماها بغصةٍ.. لما آن أوان الرحيل؟! رحلنا وعيناي تتأمل الوراء يسألونني رفقتي ماهذا الصمت هل أنتِ بخير؟
كيف أخبرهن أنني الأن بخير سأخبرهن يوماً أنني جداً بخير..فأنا إمرأة جنوبية حرةٌ قوية على الهزيمة عصية..
شكراً بحجم السماء لذلك القائد الشجاع الذي يُلهمنا الأمل والعزيمة نفخر بكوننا (قنوبيات ) عونٌ لقيادة انجبتها تلك الأرض الثائرة السخيةُ الساحرة.