اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

مقال لهاني السعدي: جنوبي عام 2050م

بالتزامن مع وصول أول قمر صناعي جنوبي لأغراض سلمية إلى مداره بنجاح، متبوعا بإنهاء الجنوبيين التحول الإستراتيجي الكامل نحو إنتاج الطاقة المائية النظيفة بإستخدام سلسلة السدود العملاقة التي أقامتها حكومتنا الرشيدة في مختلف مناطق الدولة – وهو الأمر الذي كان له دور بارز في تعزيز الأمن المائي وإضافة مورد دخل جديد للحكومة جراء تصدير فائض الطاقة المنتجة – يمثل إعلان الحكومة الإكتفاء الذاتي من سلعة القمح وإقرار قانون حظر استيراده باكورة النجاحات الحكومية الأخيرة.

 

وهنا أجد نفسي مضطراً أن أعود بذاكرتي 30 سنة للوراء، واستذكر معاناة شعبنا في الأعوام التي تلت حرب عاصفة الحزم وإعادة الأمل، واستذكر حينها كيف أخزى الله بعض الموتورين الجنوبيين الذين لم يستطيعوا التخلص من آثار حقبة ثمانينات القرن الماضي ووقفوا في صف العدو ضد أبناء شعبهم، حينها ارتقى العديد من شهداء الجنوب وهم يذودون عن هذا الوطن، ألا ليتني أستطيع أن أقول لهم أن تضحياتهم لم تذهب سدى، وليتني أستطيع أن أقول لأولئك الخونة إن أبناءكم اليوم وهم يتقلدون أعلى وأرقى المناصب الحكومية في دولة العدل والمساواة الجنوبية لا يعكّر صفو حياتهم إلا إرث خيانتكم تلك .. فسامحكم الله.

 

لاشك أن الأمل ينبع من الألم، تلك المعاناة التي عاشها أبناء جيلي والجيل الذي سبقني كانت سبب كافي لإصرار جميع الجنوبيين على تناسي خلافات الماضي، والعزم على عدم توريث هذه المعاناة للأجيال اللاحقة، وقد أثمر ما نراه اليوم – بفضل الله وكرمه – من حكومة تكنوقراط شابة وناجحة مدعومة بجيل شاب متعلم وواعي يمثل بلده خير تمثيل في جميع المحافل الدولية.

 

وأتذكر أيضاً أن عودة أغلب المغتربين الجنوبيين من أرض المهجر كان لها الأثر البالغ في رفد الإقتصاد الوطني الجنوبي الناشئ حينها بالقدرة المالية إضافةً إلى ما صاحبه من نقل خبرات علمية وعملية مهمة أكتسبها الجنوبيين من سنين الغربة الطويلة، وهم الآن يبنون وطنهم جنباً إلى جنب مع من لم يهاجر من إخوانهم في أرض الوطن.

 

سياسياً كان لمساعي إخوتنا في الخليج الفضل الكبير – بعد الله سبحانه – لإستنقاذ الجنوب من براثن المد الفارسي قبل الإطاحة بالحكم الصفوي آنذاك، وهو ما أدى بالضرورة إلى تلاشي الحكم الحوثي في شمال اليمن تدريجياً واستعادة الحكم المدني في الشمال بيد المتعلمين من ابناءه، ناهيك من أن قوة الدولتين في جنوب الجزيرة قطع الطريق عمن كان يحيك المؤامرات لدول الجزيرة العربية قاطبة

 

أيا لله .. من كان يظن أن تصبح دولة الجنوب اليوم دولة مانحة للمساعدات يعم خيرها أرجاء المعمورة بعد ان كانت دولة فاشلة بكل المعاني قبل ثلاثة عقود من الآن.

زر الذهاب إلى الأعلى