سياسي جنوبي يفند اباطيلها: إلى هيئة تحرير تقارير الشرق الأوسط بصحيفة (التايمز / الصنداي تايمز) والكاتب« سامر الأطر»

كتب/م/عبدالجيل ناجي الحميدي
مسودة رد نقدي: الحاجة إلى الدقة والسياق في قراءة المشهد الجنوبي العربي
إلى هيئة تحرير تقارير الشرق الأوسط بصحيفة (التايمز / الصنداي تايمز) والكاتب سامر الأطرش
نكتب إليكم تعقيباً على التقرير الأخير المنشور حول تطورات المشهد في الجنوب العربي، إيماناً بأهمية التغطية الإعلامية التي تستند إلى الدقة والعمق التاريخي. نرى أن التقرير المشار إليه، رغم أهمية المنصة التي نُشر عليها، اعتمد على اختزالات وتوصيفات جاهزة لا تعكس تعقيد وواقع المشهد السياسي والعسكري في الجنوب.
1. حول اختزال “انفصاليين مدعومين من الإمارات”
إن توصيف “انفصاليين مدعومين من الإمارات” يمثل اختزالاً سياسياً مضللاً وغير مهني لقضية سياسية لها جذور تاريخية. هذا التوصيف يتجاهل حقيقة أن المجلس الانتقالي الجنوبي (STC) لم ينشأ من فراغ، بل يستند إلى:
قاعدة شعبية واسعة: تتجسد في الحراك الجنوبي السلمي الذي بدأ قبل سنوات طويلة من التدخل الإقليمي.
تمثيل عسكري وسياسي على الأرض: نشأ من رحم المقاومة الجنوبية التي تصدت للحوثيين والمجموعات المتطرفة.
إن استخدام هذا التوصيف يهدف إلى تقزيم قضية شعبية تاريخية إلى مجرد أداة نفوذ خارجي، متجاهلاً بذلك الإرادة الذاتية لشعب الجنوب في تقرير مصيره.
2. واقع انهيار الوحدة اليمنية 1990
التقرير يفتقر إلى السياق الزمني الصحيح عند تناول مسألة “انتهاء وحدة 1990″. إن الإشارة إلى موقف المجلس الانتقالي ليست إعلاناً بـ”إنهاء وحدة” قائمة، بل هي توصيف لواقع منهار فعلياً.
1994: الوحدة تفككت بنيوياً وسياسياً وعسكرياً بعد حرب صيف 1994، حيث فرضت سلطة الأمر الواقع بالقوة على الجنوب.
2014: تم الإجهاز على أي أمل في الشراكة مع سيطرة الحوثيين على صنعاء وانهيار الدولة المركزية.
إن تحميل الجنوب مسؤولية “انهيار الدولة” هو تجاهل للسياق التاريخي والفشل البنيوي الذي أدى إلى تفكك الكيان اليمني، ويضع المسؤولية على الطرف الذي تعرض للغزو والتهجير.
3. الربط بين مشروع الجنوب وقضية التطبيع
إن الربط بين مشروع الجنوب العربي والمسألة الإسرائيلية عبر اتهامات غير مباشرة أو “اتصالات مفترضة” هو قفزة سياسية غير منضبطة وتفتقر إلى الأدلة الموضوعية.
المجلس الانتقالي الجنوبي لم يصدر أي إعلان رسمي أو وثيقة سياسية تتبنى مشروع التطبيع.
هذا الربط يخدم الإثارة الإعلامية الرخيصة (Sensationalism) على حساب الفهم الموضوعي لطبيعة الصراع في المنطقة، ويشتت الانتباه عن الأهداف السياسية المعلنة للجنوب.
4. تعقيد الموقف السعودي
تصوير السعودية كطرف “معارض” لاستقلال الجنوب هو تبسيط مخلّ لواقع العلاقة المعقدة.. المملكة تتعامل مع واقع جيوسياسي وأمني جديد على الأرض.
موقف الرياض تحكمه الحسابات الأمنية الإقليمية ومصلحة الاستقرار على حدودها الجنوبية، وليس منطلقاً أيديولوجياً وحدوياً بالضرورة.
إن العلاقة هي علاقة شراكة في محاربة الإرهاب ووقف التمدد الإيراني، وهي أكثر دقة من توصيف “معارضة” بسيط.
5. دلالة المصطلحات الجغرافية والتاريخية
إن استخدام مصطلح “Southern Yemen” بدلاً من “الجنوب العربي” هو إهمال للنقاش الجاد حول الهوية السياسية والتاريخية للجنوب ككيان مميز نال استقلاله عن بريطانيا تحت اسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (قبل الوحدة).
العودة إلى مصطلحات ما قبل 2015/2014 يتجاهل التحولات الجذرية على الأرض ويعيد إنتاج توصيفات قديمة لم تعد ذات صلة بالواقع السياسي الجديد.
في الختام، ندعو الصحيفة إلى مراجعة منهجية في تغطيتها للشأن الجنوبي، تتجنب الاختزال وتمنح القارئ تحليلاً يستند إلى السياق التاريخي والتمثيل الشعبي الفعلي على الأرض، بدلاً من التوصيفات الوظيفية الجاهزة.
تفضلوا بقبول فائق الاحترام،