اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
مقالات الراي الجنوبي

الصبر الاستراتيجي… وهدير الجنوب

ثروت جيزاني

أرهقت الأصوات المتخبطة التي تنعق من خلف ستار المال والدسائس نفسها في محاولة لتشويه إرادة الجنوبيين الأحرار، رغم إدراكها لقدرتهم على الحركة والردع والصمود. حاولوا مراراً الإيحاء بأن الصمت الجنوبي ضعف، وأن التوقف المرحلي عن الفعل عجز دائم، فراحوا يبنون في مخيلتهم قصوراً من ورق، يقنعون أنفسهم بأن مواقعهم ثابتة وقدرتهم على الإيذاء مضمونة. أنشأوا منصات إعلامية تحولت إلى مساحات للتحريض، ظناً منهم أن ضجيجهم قادر على تفتيت لُحمة الجنوب.

ولم يدرك هؤلاء أن للصبر الاستراتيجي قواعده وأدواته. فجنوب اليوم لم يصمت عبثاً، بل انشغل بالإعداد المتكامل وبناء القوة، والعمل على إنضاج اللحظة المناسبة للتحرك بعد أن توافرت الشروط الموضوعية لنجاحه. وعلى الضفة الأخرى، كانت القوى الإقليمية والدولية تصل إلى قناعة متزايدة بأن ما يجري في وادي حضرموت والمهرة ليس سوى نشاط لمجموعات تتخادم مع الإرهاب المحلي والدولي، وتسهّل أعمال التهريب والتخريب في مناطق شديدة الحساسية كالبحر الأحمر وباب المندب والبحر العربي. تلك القناعة لم تكن تفصيلاً عابراً، بل عاملاً حاسماً سرّع من استعادة الأرض وغيّر ميزان النظر إلى الجنوب ودوره.

ولمن يرفعون أصواتهم اليوم: القضية التي يواجهونها ليست طارئة ولا طموحاً عابراً؛ إنها قضية وطن. حاملها نبت من تراب الجنوب ولا يمكن اقتلاعه أو ابتلاعه، لأن صلته بالأرض ليست شعاراً سياسياً، بل جذور تضرب عميقاً. هذه الجذور تمتد اليوم في وادي حضرموت والغيظة، وقادرة على الامتداد أبعد متى ما شعر الجنوب أن كيانه الجمعي مهدد.

سيقطع الجنوب الأغصان اليابسة التي تتخذها الغربان والبوم منصات للنعيق، وستنبت مكانها أغصان جديدة بألوان الطيف الجنوبي كافة، لتكون منابر لطيور تشدو بلحن الوفاء للأرض والإنسان والقضية.

ثروت جيزاني
المكلا / حضرموت

زر الذهاب إلى الأعلى