السنيدي يكتب: تفويض سيئون ولحظة الحسم المنتظرة

ابوناصرفانون السنيدي
حضرموت ليست مجرد محافظة واسعة المساحة؛ إنها النصف الحيوي من الجنوب العربي، وعمقه الحضاري والاستراتيجي، ومركز ثقله الاقتصادي الذي لا يمكن لأي مشروع وطني جنوبي أن يكتمل من دونه. وما شهدته سيئون من تفويض شعبي جارف للقوات المسلحة الجنوبية لم يكن مجرد حشد عابر، بل إعلان إرادة واضحة حضرموت يجب أن تعود إلى أهلها وإلى موقعها الطبيعي داخل مشروع الدولة الجنوبية.
القوات الشمالية التابعة لمنظومة 7/7 لا تزال متمركزة في الوادي والصحراء، تحرس واقعاً مختلّاً عمره عقود هذا الوجود لا يمثل أمناً ولا استقراراً، بل يعمّق حالة الاختناق ويُبقي قرار حضرموت مرتهناً خارج حدودها، ومع كل يوم يتأخر فيه الحسم، تتسع الفجوة بين ما يريده الناس وما تفرضه القوى القائمة على الأرض.
الرسالة الشعبية التي خرجت من سيئون كانت واضحة وصريحة التحرير لم يعد مطلباً سياسياً مؤجلاً، بل واجباً وطنياً ملحاً، الجماهير لم تعد تقبل بأن تبقى حضرموت موزعة الكل يريد حضرموت مستقلة القرار، آمنة، منسجمة مع عمقها الجنوبي، ومتحررة من بقايا دولة انهارت منذ زمن لكنها تواصل الإمساك برقاب الناس عبر القوة العسكرية.
اليوم، وعلى ضوء التفويض الشعبي، تتحول مهمة القوات المسلحة الجنوبية من خيار إلى مسؤولية، ليس بهدف فرض واقع جديد، بل لإعادة الواقع إلى مساره الطبيعي، حضرموت ليست جائزة سياسية، وليست مجرد ورقة تفاوضية؛ إنها قلب الجنوب، واستعادتها تعني استعادة قدرة الجنوب على النهوض بمشروعه الوطني الكامل والسيادي.
اللحظة الراهنة نادرة ومصيرية، الناس قالوا كلمتهم، والجنوب قدّم التزامه، وحضرموت تنتظر لحظة الخلاص التي طال تأخرها، والتحرير اليوم ليس مجرد تحرك عسكري، بل استعادة لحق تاريخي، وفتح لباب سياسي جديد، ووضع حد نهائي لمرحلة الازدواجية والتهميش والوصاية.
الجنوب الذي استعاد قراره في عدن وأبين ولحج والضالع وشبوة بات مؤهلاً أكثر من أي وقت مضى ليعيد لحضرموت مكانتها التي تستحقها والرسالة التي خرجت من سيئون قالت للجميع محلياً وإقليمياً إن حضرموت لن تبقى رهينة حسابات الآخرين بعد الآن، إنها عائدة إلى بيتها الطبيعي الجنوب.