اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

يريدون إفساد التعليم وإيقاف التعليم في الجنوب..لن نركع، لن نصمت، لن نستسلم!

د/ عبدالرزاق عبدالله أحمد البكري.

يريدون خنق الجنوب من عنق المعرفة، يريدون أن يُطفئوا نور التعليم وأن يُطفئوا شموع العقول التي أضاءت رغم الدمار والحرب والجراح. يريدون أن يعيدوا الجنوب إلى الجهل والظلام، ولكن هيهات… لن نركع، لن نصمت، لن نستسلم، ورب العرش لن ننكسر مهما فعلوا ومهما كادوا ومهما مكروا ومهما تعالوا وتغطرسوا.

نعم، قد تتكالب علينا المؤامرات، وتكثر الأيادي العابثة، ويُحرم المعلم من راتبه، ويُجوّع الموظف، وتُقفل أبواب المدارس، لكن عجلة التعليم لن تتوقف. ولو اضطررنا أن نعود إلى الكتاتيب، إلى ظلال المساجد، إلى لوحٍ من خشبٍ نكتب عليه بالطباشير، فسنفعل. لأن التعليم في الجنوب خط أحمر، ومن يقترب منه فقد اقترب من مستقبل أمةٍ بكاملها.

لقد تجاوز الظلم كل الحدود، وأصبح الجور سياسةً ممنهجة.

يتذرّعون بانعدام السيولة، ويختبئون خلف شماعة “لا توجد أموال” و“لا تعزيز مالي”، وكأن الجنوب يعيش في كوكبٍ آخر! فإن كانت لا توجد أموال — كما يدّعون — فبأي منطقٍ تُصرف إعاشات بملايين الدولارات، مرتين، من البنك المركزي؟ وخارج نطاق القانون.

وأين ذهبت خمسة تريليونات ريال يمني مجمدة في بنوك مأرب لا تورد منها ريالا واحدا إلى البنك المركزي في عدن؟

أليس هذا عبثاً؟ أليس هذا فساداً بيّناً؟ أليس هذا تواطؤاً متعمداً لخنق الجنوب وتعطيل مؤسساته؟.

بينما يُصرف المال على الطبالين والإعلاميين المأجورين الذين لم يعرفوا للدوام طريقاً، ولم يحملوا في حياتهم طبشورة ولا قلماً ولا كتاباً…

يُترك المعلم الجنوبي — ذاك الجندي الصامت في ميدان العقول — أربعة أشهرٍ بلا راتب، بلا لقمةٍ تسدّ رمق أطفاله، بلا دواءٍ يشفي مرضاه، ومع ذلك يذهب كل صباحٍ إلى مدرسته، ويؤدي رسالته، ويُعلّم أجيالاً ما زالت تحلم بغدٍ أفضل.

حتى الشيطان — لو حُكم بالعدل — لا يرضى بهذا الظلم! ولا يصدق ما يحصل اصلاً…

حتى هو، لو شهد، لقال: “هذا ليس من فعلي!”

فأي عقلٍ يرضى أن يُكافأ العاطل بالدولار، ويُحرم المجتهد من فتات الفتات؟

أين العدل؟ أين المساواة؟ أين الضمير؟ أين من بقي له وازعٌ من دين أو ذرة من إنسانية؟

يا من تمسكون بزمام القرار في الداخل والخارج، في الحكومات اليمنية أو في الدول الإقليمية، إن صبر الشعب الجنوبي ليس ضعفاً بل حكمة، وليس سكوتاً بل اتزان. ولكن للصبر حدود، وللجوع نداء لا يُرد، وللظلم شرارة إذا اشتعلت فلن يطفئها خطاب ولا وعيد.

وإذا انفجر الشعب، فلن تنفع بعدها بيانات التبرير ولا كلمات “ياليت”. حينها سيتكلم الجنوب بصوتٍ واحد: كفى!

التعليم يا سادة ليس مرفقاً حكومياً عادياً، بل هو روح الأمة وشريانها الحيّ.

من أراد أن يوقف التعليم فقد أراد أن يقتل الوطن، ومن أراد أن يجوع المعلم فقد أراد أن يدفن المستقبل.ولذلك نقولها بملء الفم:

لن يمرّوا، لن ينجحوا، لن يُخرسوا صوت العقل والنور.

سيبقى التعليم في الجنوب قائماً، ولو على أكتاف المعلمين الأحرار، ولو كتب الطلاب على الرمال، ولو علّم الآباء أبناءهم تحت شجرةٍ، سيبقى التعليم حيّاً كنبض الجنوب.

من رجلٍ غيورٍ على وطنه، رحيمٍ بأطفاله، شاهدٍ على وجع الموظف الجنوبي

موظفٌ يكابد المرّ مرتين.

ومع ذلك… ما زال يؤمن أن الجنوب يستحق الحياة.

زر الذهاب إلى الأعلى