الآنسة صفاء: عندما يلتقي الخبر باللحن السياسي

كتب/ بسمة نصر
في الخامسة فجراً م̷ـــِْن يوم 24 آب، وضعت النقطة الأخيرة على الأخبار والتوقيعات، وأغلقت الهاتف بإحساس يشبه إحساس “الآنسة صفاء” وهي تطمئن على أطفالها بعد درس الغناء. كنت أحرس كلماتي كما تحرس هي أنغامها، أعلمها الانضباط، وأهذبها لتخرج إلى العالم أنيقة ومستقيمة.
لم ألبث سوى ثلاث ساعات حتى فتحت عيني علـّۓ الثامنة صباحاً، قبل موعد العمل. كتبت “حظك اليوم”، وجهزت بعض الأخبار في مسودات الواتساب، ثم اتجهت إلى الموقع. لكن، رغم محاولاتي المتكررة، لم يعمل الموقع… الإنترنت كان ضعيفا، وه̷̷َـَْـُذآ الموقع يحتاج اتصالا قويا جدا. تذكرت حينها أيام استيقاظي مبكرا، حين كنت أذهب إلى أحد المقاهي لأحرر الأخبار هناك، حيث يكون الإنترنت سريعا وموثوقا. لحظة صمت ثقيلة أصابتني، لكني لم أترك نفسي ساكنة فالانغماس في العمل أهون م̷ـــِْن الغرق في دهاليز الحياة.
أنا لا أطيق أن أبقى ساكنة. أحب العمل الذي يحرك العقل قبل اليدين، لذلك تناسبني الصحافة والكتابة والإخراج، وكل ما يضعني وجها لوجه مع التفاصيل.
واليوم، كتبت وكأنني “الآنسة صفاء”: أنظم وقتي مثلها، أستيقظ مبكرا مثلها، وأدرب كلماتي كما تدرب هي الأطفال علـّۓ النوتة الموسيقية.
فكرت: إن لم أتمكن م̷ـــِْن الوصول إلى الموقع، فلا بد أن أعمل على التعميم أو التحضير لمرحلة لاحقة. على الأقل، أبقى منشغلة… كانت “صفاء” تتحرك كثيرا: بين “دو ري مي” وبين الأطفال الذين ترعاهم، وبين السيد ربيع الذي يختبر صبرها، كنت أجد نفسي أيضا بين الأخبار المتلاحقة وبين الحروف التي تنتظر لمستي الأخيرة.
إنها حياتي اليومية: بين التحرير والتنظيم، بين جملة أرتبها وخبر أصوغ نهايته، أعيش كأنني بطلة مسلسل طويل لا تنقصه الدراما ولا الكوميديا.
وفي نهاية اليوم، بين الكلمات والأخبار، أغمض عيني علـّۓ صخب يومي، وأدرك أن كل خبر كتبته وكل لحظة قضيتها في التحرير كانت جزءا م̷ـــِْن رحلتي، تحرس أحلامي وتعدني بأن الغد سيحمل فرصة جديدة للكتابة، للإبداع، ولصقل كل ما أؤمن به… قبل أن ننام.