اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

مقال علي سيقلي بعنوان “في عدن حين تصير الكهرباء حلما ويصبح الصيف عدوا”

 

علي سيقلي

لا تسألني عن الصيف، فهو لا يوصف، بل نعيشه “حرفيا” كعقوبة جماعية، تنفذ فينا على مدى أربع وعشرين ساعة، ثم تكرر بلا رحمة، ولا شفقة.

حتى الهواء نفسه ينفخ في وجوهنا “كاوي”، والجدران تلفظ أنفاسها الأخيرة، والناس يتحولون إلى “كائنات سحلية”، تلهث، تتصبب عرقا، وتنتظر الكهرباء كما تنتظر أم ابنها المفقود في حرب لا تنتهي.

اثنتا عشرة ساعة من الانتظار الموجع، نعد فيها الدقائق كما يعد المحكوم بالإعدام خطوات الجلاد “إبن الحرام”.

كل دقيقة تمر بلا كهرباء، تضيف وجعا، وتخصم من أعمارنا أملا، وتزرع فينا سؤالًا:
“إلى متى يا عيال الكلب؟”

ننام على حر، ونصحو على حر، نمسك وجوهنا المبتلة لا من الوضوء، بل من عرق لم نطلبه.
أطفالنا يصرخون، وشيوخنا يحتضرون ببطء، ونحن البؤساء نمارس الحياة كما لو كانت معركة، سلاحها الصبر، وعدونا، سوء الإدارة، وغياب الضمير، وتقاسم الإيرادات كما تتقاسم الغنائم في ساحة النهب العام.

إلى من نصرخ؟ إلى حكومة لا تبصر، أم إلى مجلس لا يشعر، أم إلى قادة يشاهدوننا من مكيفات خمسة نجوم ويقولون: “اصبروا وصابروا”؟
أي صبر هذا؟ وقد بلغ الحلقوم، وانسكب من مسامنا عرق الفاقة، وضيق العيش، وكمد المذلة؟

عدن، يا مدينة الضوء، كيف أصبحتِ رهينة للعتمة؟
كيف سلبت من أهلك أبسط حقوق الحياة؟
متى تنتهي هذه الحرب القذرة غير المعلنة؟
ومتى يتوقف هذا العقاب الجماعي، وكأننا شعب ارتكب جريمة كبرى لم نعرفها بعد؟

أقسم أننا تعبنا، تعبنا ونحن نرى من قطعة الثلج حلما نبصره بالطابور الطويل، ومن لحظة كهرباء “عيدا مصغرا”، تعبنا من بيانات الكذب، ومن الوعود المتعاقبة التي تقال كل صيف، وتموت قبل أن تنفذ.

يا الله، لا نسألك معجزة، نسألك فقط عدلا إلهيا بسيطا ينزل علينا كما تنزل نسمة في ظهيرة بيت مسؤول.
نسألك أن ترفق بنا، لأن من بأيديهم القرار لم يفعلوا، ولن يفعلوا.

ويا من تقرأ قهري، إن كنت مسؤولا، فكن بشرا قبل أن تكون كرسيا.
وإن كنت مواطنا مثلي، فاصبر، واصرخ، واكتب، ولا تصمت، لربما في صرخة معاناتنا، تنطفئ عتمة هذا الظلم الذي طال.

الله المستعان،،،

علي سيقلي
الأحد 22يونيو 2025م

زر الذهاب إلى الأعلى