اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
تحقيقات

بن “بريك” في مواجهة “العليمي”.. معركة الإصلاح أو استمرار الفوضى

 

النقابي الجنوبي/خاص

هل يستطيع بن “بريك” كسر شبكة الفساد التي يرعاها العليمي؟ ما مصير الموظفين والجنود الجنوبيين وسط استمرار نزيف المال العام؟ هل ستنجح الإصلاحات الاقتصادية والخدمية أم ستظل رهينة للمصالح الضيقة؟ هل يقف الشعب الجنوبي خلف خطوات الإصلاح، أم تظل لعبة النفوذ أقوى من إرادته؟

يقف الجنوب عند مفترق مصيري، بين إرادة إصلاح تتشكل بقيادة رئيس الوزراء (سالم بن بريك)، وبين عراقيل متواصلة يضعها رئيس مجلس القيادة (رشاد العليمي)، الساعي لإبقاء الوضع رهينة الفوضى وشبكات النفوذ.

منذ الأيام الأولى لتولي بن (بريك) مهامه، بدأ واضحًا أن المعركة لم تعد حول إجراءات إدارية أو قرارات مالية فحسب، بل حول مستقبل الجنوب كله، في ظل منظومة فساد يمنية مترسخة تعيش على استنزاف الموارد وإفقار الموظفين والجنود الجنوبيين.

معركة الرواتب بالعملة الأجنبية

أبرز ملفات المواجهة تفجر مع قرار بن (بريك) وقف صرف رواتب المسؤولين بالدولار اليمنيين بالخارج، وهو باب ظل مفتوحًا لتسييل المال العام.. القرار مثل ضربة موجعة لشبكة المصالح، لكن (العليمي) سرعان ما رفضه، متمسكًا بامتيازات المستفيدين على حساب الداخل الجنوبي الذي ظل جنوده وموظفيه ينتظرون رواتبهم منذ أشهر.

البيانات تكشف حجم الفساد الصارخ: آلاف المستفيدين يتلقون مبالغ تصل إلى عشرة آلاف دولار شهريًا وهم في الخارج، بينما أبناء الداخل يواجهون انقطاع الرواتب وتدهور المعيشة.

كشوفات الإعاشة.. باب الريع والنهب

ملف الإعاشة يمثل الصورة الأوضح لفساد منظومة ما بعد 2015م. لكنه تحول سريعًا إلى شبكة محمية يديرها نافذون، أغلبهم من التيار الإخواني، لتوزيع الريع والامتيازات.

المستفيدون تنوعوا بين من تحولوا إلى رجال أعمال، ومن حصلوا على جنسيات أجنبية، ومن ظلوا يتلقون الأموال وهم في بيوتهم. أي إصلاح اقتصادي جاد لن ينجح ما لم يبدأ بقطع هذا النزيف الذي يرعاه العليمي لحماية دائرته الضيقة.

من بن (مبارك) إلى بن (بريك).. سيناريو متكرر

إطاحة حكومة (أحمد عوض بن مبارك) في مايو الماضي لم تكن سوى محطة في مسار طويل من الضغوط مارسها العليمي منذ تعيين الأول في 5 فبراير 2024م. كل محاولة إصلاح اصطدمت بجدار الرئاسة التي صنعت لنفسها سلطات موازية عبر لجان ووكلاء ومكاتب تعمل خارج إطار الحكومة.

أبرز المواجهات حينها جاءت مع قرار بن (مبارك) بوقف العبث بعائدات النفط، ثم توقيف مسؤول متهم بالفساد، ليعيده العليمي بقرار رئاسي، في إهانة علنية لصلاحيات الحكومة. النتيجة كانت حكومة مشلولة، وانهيارًا متسارعًا للعملة والخدمات، وشارعًا غاضبًا استثمره العليمي لمزيد من الضغط.

اليوم، يواجه (سالم بن بريك) المشهد ذاته: رئاسة تمسك بخيوط القرار وتفرغ الحكومة من مضمونها.

استهداف الجنوب وخدمة الحوثي

تعطيل الحكومة لا يخدم سوى الحوثيين. ومع ذلك، نجح بن (بريك) خلال أسابيع قليلة في كشف بؤر فساد كبرى ووقف نزيف الموارد، ما وضع شبكة (العليمي) في موقع اهتزاز غير مسبوق.

مصادر سياسية تؤكد أن كل أزمة يفتعلها (العليمي) تهدف لإضعاف الحكومة وتشتيت حاضنتها، بينما الحوثي هو المستفيد الأول من هذا الشلل.

إرادة جنوبية بالإصلاح

سياسيون جنوبيون شددوا على أن الإصلاحات الأخيرة وضبط الإيرادات السيادية أظهرت أن التغيير ممكن متى ما توفرت الإرادة. المواطن الجنوبي هو المستفيد الأول من هذه الخطوات، لكن إنجاحها يتطلب التفافًا شعبيًا واسعًا في مواجهة مراكز النفوذ.

التحذير واضح: أي طرف يتواطأ مع الفساد أو يسعى لإفشال الإصلاحات إنما يقف في صف الحوثي ضد شعب الجنوب.

معركة مصير

المعادلة اليوم واضحة: إما أن ينجح الجنوب بدعم إصلاحات بن (بريك) في تفكيك شبكة الفساد المتجذرة، أو يواصل (العليمي) فرض وصايته وإبقاء البلاد رهينة للفوضى. وبين هذين الخيارين، يقف الجنوب أمام معركة مصير، لن تُحسم إلا بقدرة شعبه على كسر قيود الوصاية وتأكيد إرادته الحرة.

زر الذهاب إلى الأعلى