تزامناً مع إحتفالات شعب الجنوب بالذكرى الـ55 للإستقلال الوطني .. صحفيو واعلاميو الجنوب يعزفون سيمفونية إنعقاد مؤتمرهم التأسيسي كيانهم النقابي الجنوبي.

النقابي الجنوبي/خاص/تقرير /د/سالم لعور.
دواعي تأسيس الكيان النقابي الجنوبي وأبعاده وملامحه في عيون مؤسسيه ومنتسبيه
ما أبرز المحطات التي مرت بها التحضيرات والإستعدادات لعقد المؤتمر الأول للإعلاميين والصحفيين الجنوبيين؟ ومن يقف ورائها؟
با حشوان: تصور خاطئ وغير صحيح إقتصار المؤتمر على منتسبي الإنتقالي لأنه مفتوح لكل إعلاميي وصحفيي الجنوب دون إستثناء
د. صدام عبدالله: اليوم تمَ وضع اللبنة الأولى لإستعادة الحق الإعلامي الجنوبي بعد أن سيطر عليه كيان متسلط بعد حرب صيف ١٩٩٤م
د. الحو: ما يجب فعله لتطوير الخطاب الإعلامي، إنه يتطلب بناء منظومة من الرموز التي تعزز الإنتماء للوطن الجنوبي.
ياسر اليافعي: التحضيرات لتشكيل كيان إعلامي جنوبي بعيداً عن سيطرة قوى النفوذ والفشل والفساد تسير في الإتجاه الصحيح.
رشدي بن راشد معيلي: المؤتمر سيسهم في حفظ الحقوق الصحفية والإعلامية وسيحد من عملية التطفل على المهنة في منصات التواصل الإجتماعي
لأكثر من عقدين ونصف عانى شعبنا الجنوبي الأمرين من أبشع نظام إحتلالي جثم على أنفاس شعبنا الجنوبي بجبروته وطغيانه الذي لا يُطاق، وكان لصحفيي وإعلاميي الجنوب نصيب الأسد من هذا الجبروت والظلم والقهر والإستبداد والإقصاء والتهميش والقتل والإعتقال والملاحقات، ورغم كل هذا الطغيان لم يقف صحفيو وإعلاميو الجنوب مكتوفي الأيدي وواجهوا دكتاتورية نظام صنعاء وظلوا متمسكين بمبادئهم وأهدافهم يواجهون عنجهية هذا النظام القمعي بإمكانياتهم المتاحة وكشفوا عورته وفساده الذي شمل كل مناحي الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية وغيرها رغم أنه عمل على محاربة وتدمير كل ما له علاقة بالجنوب ومؤسساته وتراثه الحضاري وثقافته وهويته، وأستطاع إعلاميو وصحفيو الجنوب إيصال رسالتهم خلال زخم الثورة السلمية الجنوبية للأقليم والعالم أجمع.
وبعد طرد نظام المحتل اليمني خلال تحالفه مع الغزاة الحوثيين من العاصمة عدن والمحافظات الجنوبية التي وصلت إليها جحافل الغزاة، وتلقينهم دروساً في معنى الدفاع عن الوطن والدين والعرض وفي سبيل الحرية والإستقلال وإستعادة الدولة الجنوبية، أستطاع أبناء الجنوب بفضل المقاومة الجنوبية والشعبية بطرد المحتلين وتوحيد صف القوى السياسية وشرائح المجتمع الجنوبي وتأسيس المجلس الإنتقالي الجنوبي وتفويض الرئيس الرمز القائد عيدروس الزُبيدي ممثلاً لهم في كل المحافل الإقليمية والدولية . . بهكذا بدأ المجلس الإنتقالي بالعمل المؤسسي على مستوى هيئاته من قمة الهرم إلى أدناه، وكان للجانب الإعلامي نصيبه من هذا الإهتمام فتمَ تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي والتي بذلت جهوداً رائعة في ترشيد وتوجيه إعلامنا الجنوبي ليقوم بواجباته على أكمل وجه لخدمة جنوبنا العربي وإيصال قضيته المشروعة وتطلعات وإرادة شعبه بالتحرير والإستقلال وإستعادة دولته . . هذهِ الجهود أثمرت بالدعوة إلى عقد المؤتمر الأول للإعلاميين والصحفيين الجنوبيين والذي أجتاز مراحل تكوينه الأولى بنجاح كبير كونه أتاح الفرصة لكل إعلاميي وصحفيي الجنوب المؤمنين بعدالة قضيتهم الجنوبية وتطلعات شعبهم إلى إستعادة دولة الجنوب، والبدء في عملية البناء والتنمية وتوفير العدالة والمساواة والحرية والعيش بكرامة في وطننا الجنوبي الذي يتسع للجميع، شركاء في السلطة والثروة والحكم وفي عمليات التطور والنماء والرقي حاضراً ومستقبلاً.
وفي هذا التقرير نستعرض لكم أبرز المحطات التي مرت بها التحضيرات والإستعدادات لعقد المؤتمر الأول للإعلاميين والصحفيين الجنوبيين والتي يقف وراء نجاحها قيادتنا السياسية ممثلة بالقائد الرمز الرئيس عيدروس الزُبيدي والهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي واللجنة التحضيرية للمؤتمر الأول للإعلاميين والصحفيين الجنوبيين ممن تجشموا عناء السفر إلى سقطرى والمهرة وحضرموت والضالع ولحج وأبين وشبوة وستكون محطتهم الأخيرة عاصمتنا الجنوبية عدن الباسلة وثغر الجنوب الباسم، والتي ستشهد إنعقاد المؤتمر الأول للإعلاميين والصحفيين الجنوبيين أواخر شهر نوفمبر القادم.
نقطة البداية :
عقدت الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي، يوم الأحد ١١ سبتمبر ٢٠٢٢م، في العاصمة عدن، إجتماعها الدوري برئاسة الأستاذ مختار اليافعي، نائب رئيس الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي.
وأستعرض الإجتماع مستجدات الأوضاع على الساحة الجنوبية، ودور الإعلام الجنوبي المرتبط بتلك المستجدات، وكذا التحضيرات الخاصة بعقد مؤتمر الصحافيين والإعلاميين الجنوبيين، مقراً بعد إستعراض محضر الإجتماع السابق والمصادقة عليه، اللجنة التحضيرية للمؤتمر والمكونة من ٣٧ عضواً .
الإجتماع الأول لتحضيرية المؤتمر:
وتمخض عن الإجتماع الأول للجنة التحضيرية للمؤتمر الأول للإعلاميين والصحفيين الجنوبيين المنعقد يوم الاحد ١٨ سبتمبر ٢٠٢٢م والذي جاء برعاية كريمة من الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي، إنتخاب الدكتور عبدالله الحو رئيساً للجنة التحضيرية، وعيدروس باحشوان نائباً لرئيس اللجنة التحضيرية، وصلاح العاقل ناطقاً رسمياً، والدكتورة نوال مكيش مقرراً للجنة التحضيرية، وكذا إقرار اللجان الفرعية الاربع (الإدارية، العلمية” لجنة إعداد الوثائق”، التنظيمية، والإعلامية)، وتسمية رؤسائها وترابها وأعضائها، وتحديد المهام.
أهداف المؤتمر :
أوضح الأستاذ مختار اليافعي نائب رئيس الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي، أن مؤتمر الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين المرتقب يمثل “علامة فارقة في تاريخ الإعلام الجنوبي المعاصر، ويهدف إلى إلتئام الصوت الإعلامي الجنوبي بمختلف توجهاته وأطيافه وأشكال عمله، ليعبّر عن الإرادة الجنوبية الحرة للصحفيين والإعلاميين، في تلبية طموحاتهم في الدفاع عن الكلمة الصادقة، ومعالجة قضاياهم المعيشية، والحقوقية، والإنسانية”.
وأكد اليافعي أن المؤتمر الأول للإعلاميين والصحفيين الجنوبيين سينبثق عنه كيان نقابي لكل الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين في الداخل والخارج، يمثل الكل بدون إستثناء.
وقال الدكتور صدام عبدالله المستشار الإعلامي للرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، “عانى أبناء الجنوب من تهميش وإقصاء في مختلف الأطر، وساد كيان متسلط أستحوذ على كل شيء وأظهر نفسه أمام العالم الخارجي بأنه معبر عن آرائهم، واليوم تمَ وضع اللبنة الأولى لإستعادة الحق الإعلامي الجنوبي”.
لجنة إستشارية:
في إطار إجتماعات رئاسة اللجنة التحضيرية لمؤتمر الصحفيين الجنوبيين، عقدت اللجنة التحضيرية برئاسة الأستاذ عيدروس باحشوان نائب رئيس اللجنة صباح يوم الأربعاء الموافق ٢١ سبتمبر ٢٠٢٢م في العاصمة عدن إجتماعاً لها وتمَ إقرار أسماء اللجنة الإستشارية لمؤتمر الصحفيين الجنوبيين وتكونت من ١٢ عضواً، وأقرت اللجنة في إطار إجتماعها تأجيل نزول اللجان للقاء التشاوري للمحافظات حتى يتم إستكمال المعايير الخاصة للمشاركين بالمؤتمر التأسيسي، وأختتم الإجتماع بتوجيه لجنة إعداد الوثائق بسرعة عقد إجتماعها وإقرار الوثائق الخاصة بالمؤتمر.
شعار مؤتمر الإعلاميين والصحفيين الجنوبيين:
أعتمدت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين في ١٩ سبتمبر الشعار الرسمي للمؤتمر الأول، ويعكس شعار المؤتمر القطاعات العاملة في الصحافة والإذاعة والتلفزيون تحت علم الدولة الجنوبية.
تصور خاطئ
في معرض رده على سؤال لمراسل وكالة إرم نيوز هل المؤتمر لكل الإعلاميين والصحفيين الجنوبيين أم خاص بأعضاء الانتقالي ومناصريه قال الزميل الأستاذ عيدروس باحشوان نائب رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الأول للإعلاميين والصحفيين الجنوبيين :
“ينبغي أن نزيل اللبس الذي يراود البعض من الزملاء أن ما يجري من تحضيرات للمؤتمر عبارة إطار منظم للصحفيين والإعلاميين الجنوبيين للمنضويين في المجلس الإنتقالي، تصور خاطئ وغير صحيح فقد أكدت الكلمات والتناولات في أول إجتماع للجنة التحضيرية على التعاطي مع كل الآراء والطروحات ووجهات النظر طالما وسقف الجميع الجنوب وإستعادة الدولة الجنوبية.
ومن لن يأتي سنذهب إليه تنفيذاً لتوجيهات الأخ الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي مع رئاسة اللجنة التحضيرية في ٢٧ سبتمبر الماضي الذي أكد على الدعم الكامل للمؤتمر وأهمية خروجه بنتائج مثمرة تخدم واقع الإعلام الجنوبي، وتنتصر لكل الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين، وتعزز من حضورهم داخلياً وخارجياً بما يمكنهم من خدمة قضيتهم الوطنية، وتحقيق مطالب شعب الجنوب المشروعة والعادلة في إستعادة وبناء دولته على كامل ترابه الوطني بحدوده المعترف بها دولياً حتى 21 مايو 1990م”.
آمال وتطلعات :
ويقول ياسر اليافعي صحفي ومحلل سياسي “منذُ وقت مبكر حاولنا أن يكون للصحفيين الجنوبيين كيان يعبر ويدافع عنهم، أتذكر في عام 2012 كانت محاولة كتب لها الفشل ومحاولات بعد هذا التاريخ فشلت أيضاً بسبب تدخلات الأحزاب التي كانت تخترق الحراك الجنوبي”.
وتابع: “اليوم جهود التحضير لمؤتمر للصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تسير بصورة ممتازة لتشكيل كيان يدافع عن الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين ويعبر عن تطلعاتهم، بعيداً عن سيطرة قوى النفوذ والفشل والفساد والإنتهازية”.
إستعادة مؤسسات الدولة الجنوبية :
الإعلامي سعدان اليافعي، مدير عام الإعلام بلحج عضو اللجنة التحضيرية التأسيسية للمؤتمر قال : “الحقيقة نحن أمام مرحلة مفصلية ومخاض كبير في إستعادة مؤسسات الدولة الجنوبية وما هذا المولود الإعلامي الجديد الذي كان في الأحلام أن يتحقق في مضى كوعى يجمع كل الطيف الإعلامي الجنوبي الذي تعرض التهميش والاقصاء فيما مضى وهانحن على عتبات المولد الجديد والذي بدأ التحضير له منذُ أشهر من نخبة من إعلاميي الجنوب الذين لهم باع طويل خلال المرحلة دولة الجنوب والنضال الوطني، والذي نأمل أن تتوسع لتشمل الجميع في وطن جنوبي يتسع للجميع ونحن بحاجة لكل صاحب فكر وقلم حر يدافع عن الوطن الجنوبي وقضيته العادلة ولا يمكن أن يستثنى أحد وأعتقد القائمين على التحضير يستوعبوا الجميع وفي طريق الفحص والتحميص والمتابعة لكل إعلامي جنوبي ضمن معايير وضوابط تهدف إلى ترشيد وتنظيم الرسالة الإعلامية في الجنوب”.
كيان واحد :
ويقول الأستاذ الإعلامي رشدي سالم حسن بن معيلي، مدير عام الإعلام والعلاقات العامة بمحافظة المهرة: “مما لا شك فيه بأن إنعقاد مثل هذا المؤتمر يمثل أهمية قصوى لجمع شتات الإعلام الجنوبي في كيان واحد يُعنى بقضاياهم ويؤطر عملهم في إتجاهات متوازية مع ضوابط وآداب المهنة الصحفية والإعلامية”.
لافتاً إلى أن “المؤتمر سيسهم بشكل كبير في حفظ الحقوق الصحفية والإعلامية الفكرية والأجتماعية وسيحد من عملية التطفل على المهنة لبث الشائعات والأكاذيب خاصة في صفحات مواقع التواصل الإجتماعي كما نراها اليوم”.
مخاطبة المجتمع الدولي :
ويرى سياسيون وصحفيون أن تقويم وتقوية الإعلام الجنوبي في هذهِ المرحلة أمر يحمل أهمية بالغة، كونه يزيد من متانة هذا القطاع الحيوي الذي يُعبر بشكل جاد عن الصوت الجنوبي الحُر، مشددين على ضرورة تركيز الإعلام الجنوبي على مخاطبة الغرب والمجتمع الدولي، بعدالة قضية شعب الجنوب، ومدى تعرُّضه لحرب ظالمة من قبل قوى الإحتلال اليمني، بما يمنح قضية شعب الجنوب أبعاداً دولية، تتسق مع تحركات المجلس الإنتقالي الذي يولي إهتماماً كبيراً بهذا الأمر، كما سيُجهِض مؤامرة غاشمة ينفذها الإحتلال اليمني، الذي يسعى بكل وضوح إلى إستئصال وتقويض أحد دعائم قوة الجنوب العربي عن إرادة شعبه.
وهاهي اللجان الفرعية على وشك الإنتهاء من مهام أعمالها ووضع اللمسات الاخيرة عليها لضمان نجاح المؤتمر الأول للإعلاميين والصحفيين الجنوبيين لا يسعنا إلا نحيي قيادتنا السياسية ممثلة بالرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي الذي رعى ودعم وسهل كل الصعاب ونحيي كل الجهود التي بذلتها اللجنة الوطنية للإعلام الجنوبي واللجنة التحضيرية الأساسية ولجانها الفرعية والتي أسهمت في إنجاح المهام الموكلة إليها، ونتمنى النجاح للمؤتمر وخروجه بالقرارات والتوصيات التي من شأنها أن تسهم في الإرتقاء بالعمل النقابي الإعلامي والصحفي الجنوب حاضراً ومستقبلاً.
مراحل ذهبية وأخرى مُرة مر بها إعلامنا الجنوبي :
وبالمناسبة نستعرض في هذا التقرير المراحل التي مر بها الإعلام الجنوبي وتحديدها خلال الفترة ما قبل الوحدة وبعد الوحدة ومنذُ تأسيس المجلس الأنتقالي الجنوبي.. وقبل الحديث عن هذهِ المراحل نود الإشارة إلى عدن كانت سباقة قبل غيرها من المدن في حركة التطور والريادة في مختلف مجالات الحياة إذ عُرفت بإنها عَرفت الطباعة والنشر والصحافة والإذاعة والتلفاز قبل غيرها من المدن والدول على مستوى الجزيرة العربية، وكانت رائدة للإشعاع الحضاري والثقافي والعلمي، ناهيك عن إزدهار حركة التجارة والسياحة بحكم موقعها الجغرافي الذي يتوسط قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا.
حيث صدرت أول صحيفة في عدن في العام 1900م تحت مسمى “جريدة عدن الأسبوعية”، وبحلول الأربعينات بلغ العدد 78 مطبوعة كان من أبرزها صحيفة “فتاة الجزيرة” و”صوت اليمن” والتي تعد أولى الصحف الحزبية الصادرة في اليمن وذلك في العام 1946م، وصدرت صحيفة (الفضول) في العام 1948م كأول صحيفة سياسية في أعقاب فشل ثورة الدستور المعارض لبيت آل حميد الدين، وأستمر هذا الزخم طوال عقد الخمسينات وحتى إعلان إستقلال الجنوب عن الإحتلال في1967م إلى أن صدر قرار جمهوري يلغي كافة الصحف والمجلات والنشرات التي كانت تصدر قبل الإستقلال وسمح فقط بصدور الصحف الناطقة بإسم الجبهة القومية.
وقبيل الوحدة كانت تصدر في الجنوب الصحف الرسمية وأبرزها ١٤ أكتوبر والثوري وصوت العمال وكانت هذهِ تقوم بدورها في الدفاع عن ثورة الرابع عشر من أكتوبر وأهدافها ومنجزاتها وتعبر عن تطلعات الناس نحو الحفاظ على الإنجازات التي تحققت مع أنها خلال فترات متفاوتة كانت تغلب عليها الإنحياز للأفراد في السلطة وتمجدهم وتتخلى عن الهدف السامي مصلحة الوطن الجنوبي والتعبير عن الإرادة الشعبية وهموم الشعب.
وجاءت فترة الوحدة اليمنية في العام ١٩٩٠م وبدأ الصراع بين الطرفين الشمالي والجنوبي وتمَ إعادة صدور عدد من الصحف كصحيفة الايام وكذا صحيفة الجديد التي كنت محرراً فيها وكان يرأس تحريرها فقيد الصحافة الجنوبية حسين محمد ناصر ومدير تحريرها الدكتور عبدالله أحمد يحيى الذي لا يزال حياً يُرزق ويقوم بدوره التنويري في جامعة أبين، وقمنا بدورنا في كشف وتعرية فساد قوى النفوذ الشمالية خلال الفترة من قيام الوحدة إلى حرب صيف عام ١٩٩٤م، وتوقفت الصحيفة بسبب الحصار الذي فرضته قوى الشمال التقليدية والقبلية والدينية المتطرفة على الجنوب وشعبه وأنتهاكاتها لحقوق الإنسان وفرض ثقافتها القبلية العصبية والدينية المتطرفة عليه، إلا أنها لم تستطع إسكات الصوت الجنوبي المجلجل الذي يقض مضاجع نظام صنعاء الجاثم بتخلفه وبظلامه الدامس على أبناء اليمن والجنوب خاصة.
محاولات نظام الإحتلال اليمني تكميم الأفواه وإسكات الصوت الجنوبي :
بعد حرب صيف عام ١٩٩٤م حاولت حكومة صنعاء منع التغطيات الإعلامية المستقلة والجنوبية الحزبية لأحداث الجنوب، وفي 1مايو و2 مايو 2009 صادر مسؤولون أمنيون نسخ صحيفة الأيام بسبب تغطيتها لأحداث الحراك، أقدم وأكثر صحف اليمن المستقلة إنتشاراً، وفي 4 مايو نفس العام فتح مسلحون مجهولون النار على مقر الصحيفة فتوقفت عن النشر. وفي 4 مايو 2009 أوقفت وزارة الإعلام نشر ثماني صحف يومية وأسبوعية مستقلة، جراء تغطيتها لأحداث الجنوب، وهي صحف الأيام والمصدر والوطني والديار والمستقلة والنداء والشارع والأهالي.
وطبقاً لمحامين وقانونيين كان هذا إجراء غير مسبوق وغير قانوني.
ثمَ سُمح للصحف الأسبوعية بمعاودة النشر في أواخر يونيو.
وفي 11 مايو 2009، أنشأت الحكومة محكمة جديدة لمحاكمة الصحفيين، وبحلول يوليو نفس العام بدأت المحكمة تنظر في بعض القضايا، وتوجد نيابة منفصلة لقضايا الصحافة والمطبوعات، وفي الماضي أحالت تلك النيابة الصحفيين والمشتغلين بالإعلام إلى المحكمة جراء إنتهاكات مزعومة لقانون العقوبات وقانون الصحافة والمطبوعات.
وفي 12 مايو حاصرت قوات الأمن مقر صحيفة الأيام وأشتبكت في تبادل لإطلاق النار أستمر لمدة ساعة مع حراس الصحيفة، مما أودى بحياة أحد المارة وإلحاق إصابات خطيرة بآخر.
وخلال فترة الحراك السلمي الجنوبي تعرض الصحفيون والإعلاميين الجنوبيون للمضايقات والإعتقالات والمطاردات وكنت واحد منهم حيث تعرضت للسجن في سجون لودر وزنجبار وسجن البحرين لجهاز لشهور على خلفية نشاطي الإعلامي في مواجهة قوى الإحتلال الشمالي ومناصرة الجنوبيين في تظاهراتهم وإحتجاجاتهم السلمية المطالبة بحقوقهم وإستعادة دولتهم الجنوبية . . ناهيك عن حالات القمع التي تجاوزت إنتهاكات حرية الصحافة والإعلام إلى الأنتهاكات التي مست المتظاهرين سلمياً في ساحات الجنوب إحتجاجاً على الإقصاء والتهميش والإبعاد القسري للكوادر الجنوبية من وظائفهم كانوا أمنيين أو عسكريين أو مدنيين، ونهب ثرواتهم وتجويعهم ومحاكمتهم والزج بهم في السجون وتلفيق التهم عليهم.
ومع هذا لم يستسلم الجنوبيون وواجهوا طغاة الإحتلال اليمني في جانب التظاهرات وإقامة الفعاليات المليونية حتى توصلوا قضيتهم المحافل الإقليمية والعربية والدولية، وقام الإعلام الجنوبي بدوره رغم الصعوبات والمشاق وأسهم إلى حد كبير بإيصال صوت شعبنا الجنوبي للعالم أجمع.
وبخصوص فترة ما بعد تأسيس المجلس الإنتقالي فأكتفي بما تحدث به د . عبدالله الحو رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الأول للصحفيين والإعلاميين الجنوبيين في وقت سابق بإحدى مداخلاته بعنوان “الخطاب الإعلامي الجنوبي – الواقع والمآلات” في ورشة عمل للدائرة الإعلامية في الأمانة العامة للمجلس الإنتقالي الجنوبي بمناسبة الذكرى الـ
“57” لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة والتي عرج خلالها بتناول المراحل التي مر بها الإعلام الجنوبي وبإيجاز قبل الوحدة وبعد قيام الوحدة وتحديداً بعد حرب صيف عام 1994م وبعد تأسيس المجلس الإنتقالي الجنوبي في العام 2017م.
وقال د. عبد الله الحو الذي كان حينها يشغل سابقاً رئيس الدائرة الإعلامية بالإمانة العامة للمجلس الإنتقالي الجنوبي ورقة عمل بعنوان: الخطاب الإعلامي الجنوبي – واقعه، تحدياته ومستقبله إن موضوع الورشة هو من المواضيع المهمة، التي أولاها عدد من الكتاب والصحفيين والأكاديميين إهتمامهم خلال السنوات الماضية، وخصصت لها العديد من البرامج والندوات وورش العمل واللقاءات، مشيراً إلى آخر لقاء للرئيس القائد عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي مع كوكبة من الإعلاميين الجنوبيين، موضحاً أن الرئيس القائد تحدث في هذا اللقاء حديثاً بالغ الأهمية والدقة، يعكس مدى إدراكه للإعلام ودوره وتأثيره والحاجة إليه، مؤكداً سعي قيادة المجلس الإنتقالي إلى تأسيس نظام إعلامي جنوبي فاعل، متجدد ومؤثر.
وتناول د. الحو في ورقته المراحل التي مر بها الإعلام الجنوبي مذكراً بمراحله الذهبية عندما كانت عدن تتصدر بإعلامها (الإذاعة والتلفزيون والصحافة) المشهد الإعلامي في محيطها وتتنافس مع إعلام دول عربية مهمة.
وأكد د. الحو في ورقته أن الإعلام الجنوبي تعرض لتدمير ممنهج في منظومته إبتداءً من بنيته التحتية وإنتهاءً بكادره الذي تعرض للإقصاء والتهميش منذُ إحتلال الجنوب في يوليو 1994، مشيراً إلى أن الإعلام الجنوبي دخل منذُ إعلان عدن التاريخي في 4 مايو 2017 وتأسيس المجلس الإنتقالي الجنوبي مرحلة جديدة في تاريخه لها خصائصها وسماتها ووسائلها، منوهاً إلى ظهور إذاعة هُنا عدن وقناة عدن المستقلة وبعض الصحف والمواقع الإلكترونية التي رافق ظهورها هذهِ المرحلة في ظل مغادرة الإعلام الرسمي للعاصمة عدن وتوقفه عن العمل منذُ 2015.
وتناولت الورقة التحديات التي تواجه الإعلام الجنوبي والهجمة الشرسة التي يتعرض لها الجنوب من قبل وسائل إعلام ومواقع إلكترونية مدعومة من قبل أنظمة معروفة بعدائها للجنوب وللمشروع العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. وتساءلت الورقة عن المهنية التي تتشدق بها هذهِ الوسائل، حين تنشر أخباراً عارية عن الصحة وصوراً جرى تعديلها كما هو الحال في مناسبات كثيرة.
وأكدت الورقة على أن صناعة خطاب إعلامي رفيع، يتطلب توفر عناصر كثيرة أهمها عنصر المؤسساتية، حيث الأصل في صناعة الخطاب هو العمل المؤسسي وليس الفردي، مع عدم التقليل من دور الأفراد. وحثت الورقة على وضع إستراتيجية للخطاب الإعلامي الجنوبي من جملة من الثوابت والمرتكزات من بينها التأكيد على مركزية الهوية الوطنية الجنوبية، وتعزيز الثوابت والقيم والمبادئ لشعب الجنوب وفي مقدمتها مبدأ التسامح والتصالح، وتوضيح مواقف شعب الجنوب المؤيدة للتحالف العربي، فشعب الجنوب شريك فاعل وأساسي مع التحالف العربي في معركة الدفاع عن المشروع العربي وغيرها من الثوابت والمرتكزات.
وأختتم د. الحو ورقته بالتذكير بأولويات المرحلة الراهنة بالنسبة لما يجب فعله لتطوير الخطاب الإعلامي، الذي يتطلب بناء منظومة من الرموز التي تعزز الإنتماء للوطن الجنوبي.






