اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
آخر الأخبار النقابي الجنوبي.

رحيلنا مدموغا في ناصية ذكرانا.

 

صالح الضالعي

في غمرة زحام الأيام ومرور الأشهر والسنين نكتشف بأن قلوبنا قاسية كقسوة معاناتنا في أيام كهذه عصيبة.

وانا ارتكن في زاوية مظلمة تكسوها التوجع حد فراق من كنا نعدهم ذات يوم بالاخلاء، تركنا صديقا ممسانا معا وذهب ممسكا معاطفه وقلبه يتودج فرحا كطير مذبوح من شدة االالم تراقص وانتفض – رحل ورحلت معه نظراتنا المليئة بعبارات الاسى– والى حبيب غادر المدينة التي كان يسكنها ، مستوطنا احشائي وحواسي ، وعلى رصيف الذكريات سكبت تنهداتي حزنا لفراقه على حين غفلة من زمن مميت.. وانا اصارع حكايات أشبه بالف ليلة وليلة حاولت اقنع نفسي بأنني كالغريق حين يتمسك بقشة،

أدركت حينها حقيقة بأن البعرة على خطواتها تسير فكانت بالامس هنا، وغدا على رأس جبل مسيرته ايام وسنين مرت فكانت هنا ايضا – تبخرت احلامنا وذبحت وبعثرت اشلائها على جنبات الطرقات ومنتزهات لم نراها قط إلا في احلامنا الوردية ومن خلال حجاب مستتر .

اصعب ما يواجه المحبون حينما يرحلون ويتفرقون وقلوبهم تكابد اوجاعها فتترنح الكلمات وتتحشرج الحصوات وكأنها في مأتم–

تتسارع دقات معاطفه فرارا من الموقف ، ترنو أعيننا ونصوبها نحو فراق مؤقت..

وفي لحظة وداع تلجم ابداعنا حتى أصبح كطفل رضيع مازال يتعلم ابجديات اللغة المكسرة كقطعة جبن أو خبز .. على مائدة الحب اهتزت حواسنا ومشاعرنا وعقولنا فادركنا أن قدرنا مرهونا باكف الرحمن ومقلب القلوب –؛ تتوغل فينا الاحاسيس كوردة تخرج من اكمتها وعلى مزهريات الوداع فاضت الأعين من دون إذن مسبق وسكبت على صدورنا بيوم وداع – حزننا يضاهي نكزة بعد أن تملكتنا الأعاصير والعواصف – جرتنا كل خطواتنا نحو لغة الإشارة ، وبها تذكرنا كل خطوة قطعناها في مسافات مليئة بل ومحفوفة بالمهالك ، حتى اننا امنا يوما بأنه الظلام سيدحر البدر الذي طلع علينا ،
وضننا افوله ولكنه لم يافل ابدا ابدا، على حين غفلة منا– ودون حسبان كان الشيطان ينزغ بين قلبينا وحينما اعلن فشله سارعت عقارب الساعة وك المعتاد تأدية واجبها– هناك حيث يكون ونحن حيث نكون تستاسد الاحلام بين اضلعنا ، وتبقى الباقيات الصالحات خير وابقى .

نقلت تعاريج اوردتنا إلى عناية مركزة حتى تفيق من غيبوبتها تاركة خلفها منصات العذاب– ايام ستمر حتما سيلازمها الغبن وستكون عصيبة وعصية على من قضى عمرا مكتسيا حلة بهية عدت في مراسيم البعد والهجران– تكتسي رئتينا حبل الصبر ، حبلا يكاد منقطعا لبضع ايام – تماما كتلك الشبكة العنكبوتية التي انهكتنا واذبلتنا واستنفزت ارواحنا لتتضح الصورة الجلية بأنها كانت شبكة مترهلة غزاها شيبها قبل نضوج الفاكهة .

بين قوسين يجري ( لعمر ) متلجلجا وهكذا تفعل الأيام والشهور والسنين بقلوب الانقياء التي لاتساويها الا قلوب الصالحين والأنبياء .سنرحل وترحل معنا بما حملته قلوبنا القاسية .. في منطقنا ننظر بأن الرحيل ميزان الأقدار به تختبر مقدراتنا على تحمل الفراق ، فراق ليس من بد الا القبول به .
حين نصحو سنردد آيات الشكر وتسبيحات سلامنا على كل من أحببنا ، سنربط حزام الامان ونحتزم ازارنا ، بسم الله مرساها ومجراها دارت عجلات مركبتنا متخذة وجهتها للرحيل آلى مسقط راسنا ·لانقول وداعا أحبتنا بل سلاما سلاما.

زر الذهاب إلى الأعلى