محمد علي يشيد: بين مطرقة الأمن وسندان المعيشة: تنظيم “الدراجات النارية” خطوة نحو دولة النظام

كتب/ محمد علي محمد أحمد
نمرّ في جنوبنا الحبيب بمرحلة “نكون أو لا نكون”، مرحلة تتطلب تلاحماً غير مسبوق بين القيادة والقاعدة الشعبية، والتفافاً وزخماً جماهيرياً حول قضيتنا المصيرية.
وفي خِضَمِّ هذا الحراك، تبرز قضايا تمس حياة المواطن اليومية، ومنها قضية “الدراجات النارية” التي باتت مصدر رزق لآلاف الأسر المتعففة التي باعت الغالي والنفيس، وتحملت أعباء الأقساط والديون لتوفير لقمة عيش كريمة في ظل وضع اقتصادي متأزم.
إن قرار التوقيف والمصادرة، رغم دوافعه الأمنية، يحتاج منا اليوم إلى مراجعة مسؤولة؛ فبدلاً من مفاقمة نقمة الشارع، يمكننا تحويل هذا الملف إلى نموذج حيّ لدولة النظام والقانون التي ننشدها.
إننا نناشد السلطة المحلية والجهات الأمنية في العاصمة عدن بالنظر إلى هذا الملف بعين “الواقع المعيشي”، وتطبيقاً للنظام بما يضمن الأمن ولا يقطع الأرزاق، عبر نقاط أرى أنها كفيلة بحل هذا الملف بشكل آمن وبصورة قطعية وهي:
١- الحصر والترقيم الشامل وذلك في البدء بحملة وطنية لاستقبال جميع مالكي الدراجات، وفحص وثائق ملكيتهم، ومنحهم أرقاماً رسمية ورخص قيادة قانونية.
٢- تفعيل نظام “النطاق الجغرافي” في اعتماد ألوان محددة لكل مديرية، بحيث يُسمح للدراجة بالعمل ضمن نطاقها الجغرافي (المديرية) مما يسهل الرقابة الأمنية ويمنع العشوائية.
٣- الحزم مع المخالفين، فبعد تنظيم وتقنين ملف الدراجات النارية كما في النقطتين السابقتين، يصبح من حق الدولة مصادرة أي دراجة غير مرقمة أو تعمل خارج نطاقها، والتحقيق مع سائقها، وهذا إجراء أمني لا يختلف عليه اثنان لحماية أمن العاصمة.
لماذا هذا المقترح الآن؟
والجواب لأنه يحقق مكاسب استراتيجية لقضيتنا الجنوبية ويسهل عمل جنود أمن وطننا الحبيب من خلال :
• رصد الدراجات المشتبه بها وتضييق الخناق على الجريمة بأسلوب تقني ومنظم.
• تعزيز الحاضنة الشعبية وطمأنة الأسر الكادحة بأن دولتهم القادمة هي دولة تحميهم وترعاهم، وليست دولة تُضَيِّقُ عليهم سُبُلَ عيشهم.
• تجسيد صورة الدولة الجنوبية القادمة بإذن الله وذلك بتقديمنا نموذج حضاري عن “دولة النظام والقانون” التي تحترم الحقوق وتدعم الرزق الحلال، وفي الوقت ذاته تضرب بيد من حديد كل سبل الإجرام.
ختاماً.. إن بناء الدولة يبدأ من احتواء المواطن وذلك من خلال تنظيم حياته، ومنحه العدالة الاجتماعية التي تُعَدُّ الوقود الحقيقي لأي حراك سياسي حقيقي ناجح.
لذا فلنجعل من تنظيم الدراجات النارية رسالة طمأنة بأننا ماضون نحو انتزاع دولتنا المغتصبة، دولة تحمي “الأمن” وتصون “الكرامة”.