المرأة الجنوبية.. شريكة النضال وصانعة المستقبل

د/ وهيبة شاهر
لم تكن المرأة الجنوبية يومًا على هامش التاريخ، ولا مجرد شاهدة على الأحداث، بل كانت ركيزة أساسية ورافدًا حيويًا في النضال السياسي، وشريكًا أصيلًا في مسيرة الشعب الجنوبي من أجل استعادة دولته، حضورًا وموقفًا ووعيًا وتضحية.
فمنذ المراحل الأولى للقضية الجنوبية، أثبتت المرأة حضورها الفاعل كقوة واعية ومؤثرة في مسار التحرر الوطني.
وفي ميادين النضال السلمي، كانت المرأة الجنوبية، منذ انطلاق الحراك الجنوبي، صوتًا حيًا للكرامة ورفض الذل والمهانة؛ خرجت إلى الساحات، وشاركت في المظاهرات السلمية والاعتصامات، ورفعت علم الجنوب عاليًا جنبًا إلى جنب مع الرجل، لتؤكد أن قضية الجنوب ليست مطلب فئة معينة، بل إرادة شعب بأكمله يؤمن بها النساء والرجال، وتدافع عنها النساء كما يدافع عنها المقاتلون في ميادين الشرف والنضال.
وفي ميادين التضحية، حملت المرأة الجنوبية على عاتقها مسؤوليات جسام؛ فكانت الأم التي قدّمت أبناءها شهداء ومناضلين في سبيل الأرض والكرامة، وقدّمت أروع صور الصبر والفداء. فهي أم الشهيد، وزوجة الأسير، وأخت الجريح، وكانت أيضًا الزوجة الصابرة المساندة، والأخت التي شاركت في الميادين والساحات صوتًا حرًا يطالب بالحق والعدالة. وامتد دورها إلى العمل السياسي والإعلامي والمجتمعي، وأسهمت في نقل معاناة الجنوب إلى الرأي العام الإقليمي والدولي.
وخلال الحرب، صمدت المرأة الجنوبية في وجه القصف والحصار والفقر، دون تراجع عن إيمانها بعدالة قضية الجنوب، وتحملت أعباء الحياة في أقسى الظروف، وحوّلت المعاناة إلى قوة، والألم إلى دافع للاستمرار في النضال، فكانت مدرسة في الصبر والعزة.
أما في مرحلة ما بعد الحرب، فقد برز دور المرأة الجنوبية في العمل الإنساني والإغاثي، حيث واجهت التحديات الاقتصادية والاجتماعية بشجاعة، وأسهمت في التخفيف من معاناة الأسر المتضررة، وأسر الشهداء والجرحى، مؤكدة بذلك مدى تماسك المجتمع الجنوبي.
ويمكن القول إن المرأة الجنوبية لم تكن مجرد رافد حيوي في مسيرة النضال، بل شريكًا أساسيًا في استعادة الدولة، من خلال أدوارها المتعددة في النضال والقيادة والبناء ودعم المجتمع، مما يجعلها ركيزة أساسية لمستقبل الجنوب. وإن تمكين المرأة الجنوبية وإشراكها في مواقع صنع القرار يُعد اليوم ضرورة وطنية لا غنى عنها لاستعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة من المهرة إلى باب المندب، ولن يكتمل هذا المشروع إلا بشراكة حقيقية تضمن للمرأة حقها الكامل في المشاركة السياسية، وصناعة القرار، وصياغة وبناء مؤسسات الدولة القادمة على أسس العدالة والمواطنة المتساوية.
وتقديرًا لدور المرأة الجنوبية في النضال والصبر، نطالب القيادة الجنوبية في المجلس الانتقالي، ممثلة بالرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، أن يولي المرأة الجنوبية اهتمامًا كبيرًا تقديرا لدورها النضالي، والسعى إلى تمكينها ومنحها المكانة التي تستحقها في هياكل السلطة والمجتمع، إيمانًا بأن مشاركتها الفاعلة هي مفتاح بناء مجتمع جنوبي مزدهر ومستدام، وقادر على إرساء دعائم دولة الجنوب العربي المنشودة.