عكاشة ومقاله “تثبيت سلطة القانون أولوية قصوى في هذه المرحلة”

محمد عكاشة
تمر هذه المرحلة بأهمية بالغة على عاتق سلطات المجلس الانتقالي في الجنوب المحرر، لما تمثله من فرصة حاسمة لقطع دابر التأويلات المعادية، ورسم صورة مشرفة لحكم الانتقالي أمام العالم.
إن ترسيخ سلطة القانون بات ضرورة ملحة، تستدعي اجتثاث إرث الفوضى القبلية والعشوائية المتراكمة، التي خلفها نظام حكم اللا دولة واللا قانون، والذي ساد لأكثر من ثلاثة عقود وأدخل الجنوب في دوامة من التخلف المفروض قسرًا بفعل أنظمة حكم العفافيش والإخوان.
لا بد من عودة النظام والقانون، وتفعيل مؤسسات القضاء والنيابة والأمن العام، فلا اعتقال إلا بأمر قضائي، ولا مكان للأحكام القبلية التي تشوه نهج الثورة الجنوبية وتسيء لتضحياتها.
الأمن والشرطة هما الجهتان المعنيتان بتنفيذ أوامر القضاء، والبحث الجنائي هو المختص بالتحقيق في الجرائم الجنائية، فيما يظل القضاء هو السلطة العليا المختصة بإصدار الأحكام.
العالم ينظر إلينا ويراقب أفعالنا، ومن واجبنا أن نقدم أنفسنا كدولة متحضرة تؤمن بالنظام والقانون. قد تكون هذه المرحلة معقدة، لكن الحقيقة أن الشعب اليوم بات يبحث عن النظام والقانون قبل أي شيء آخر.
المجتمع الجنوبي بيئة صالحة لتطبيق سلطة القانون، وسيتقبلها بأريحية، وسينبذ الثأرات عندما يلمس أن القانون فوق سلطة القبيلة، وفوق التخلف، وفوق النهب والاستحواذ، وفوق العنصرية والمناطقية.
جميع أفراد الشعب متساوون أمام القانون، لا أحد أعلى من أحد، ولا منطقة أعلى من منطقة، ولا حصانة لمسؤول، ولا فرق بين مسؤول ومواطن، فالكل سواسية أمام العدالة.
ويظل على المجلس الانتقالي واجب تصحيح اعوجاج مسار القضاء الذي رافق الجنوب طيلة ثلاثة عقود، عبر إحلال العناصر القانونية الكفؤة والمؤتمنة في مواقعها المناسبة، حتى يترسخ لدى المجتمع الدولي أن السلطة والشعب والقضاء يشكلون معًا ثلاثية وعي تؤمن بالقانون والنظام.