إرادة شعب الجنوب تنتصر… بدأ العد التنازلي لـ “شرعية” العليمي؟

كتب/ م. عبدالجليل ناجي الحميدي
لقد أثبت التاريخ مراراً وتكراراً أن ارادة الشعوب لاتقهر
وفي المشهد اليمني المعقد، تتبلور هذه الحقيقة بقوة أكبر في الجنوب. فما نشهده اليوم ليس مجرد تباين في المواقف السياسية، بل هو هزيمة حقيقية للمنظومة التي يمثلها رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي، أمام الزخم الشعبي الجارف والمطلب الثابت لأبناء الجنوب بالتحرر واستعادة دولتهم.
الهزيمة الأيديولوجية والسياسية:
تكمن هزيمة العليمي وحلفائه في الجنوب، قبل أن تكون هزيمة عسكرية أو إدارية، في كونها هزيمة أيديولوجية وسياسية بامتياز.
لقد بُنيت “الشرعية” اليمنية منذ عام 1990 على فرضية “الوحدة القسرية”، وهي فرضية أثبتت العقود التالية زيفها وفشلها الذريع في تحقيق أي شكل من أشكال الشراكة أو العدالة. وعندما اعتلى العليمي سدة الرئاسة، كان أمامه خياران: إما الاعتراف بالواقع الجديد وبقضية الجنوب كقضية مصيرية تستدعي حلاً جذرياً يتمثل في الاستفتاء وتقرير المصير، أو المضي في محاولة يائسة لترميم “وحدةميتة” فقدت شرعيتها الشعبية والوطنية منذ عقود.
الفشل في الاعتراف بالهوية:
استمرت “الشرعية” في التعامل مع الجنوب كـ “جزء متمرد” أو “ملف قابل للمساومة”، وليس كـ شعب ذي هوية وطنية كاملة يسعى لاسترداد سيادته.
الجمود أمام المتغيرات:
أصرت مؤسسات الرئاسة على التمسك بـ “نصوص الوحدةالميتة” في الوقت الذي كانت فيه القوات الجنوبية، ممثلة بالانتقالي، هي القوة الحقيقية على الأرض التي تقاتل الإرهاب وتحافظ على الاستقرار. هذا التناقض بين “الشرعية الاسمية” و “الشرعية الفعلية على الأرض” هو جوهر الانهزام.
الجنوب: من “مُشكلة” إلى نواة حل:
إن إرادة شعب الجنوب اليوم هي قوة منظمة ومُعلنة بوضوح لا لبس فيه. لقد تجاوز الجنوبيون مرحلة التعبير عن الغضب إلى مرحلة بناء مؤسسات دولتهم فعلياً، على الرغم من كل المعوقات والتضييقات الإقليمية والدولية.
الاستجابة لنداء القيادة: الحشود الجماهيرية الغفيرة والمستمرة التي تخرج في مدن الجنوب، من عدن إلى حضرموت والمهرة، ليست مجرد مظاهرات عابرة، بل هي تفويض شعبي واضح وصريح للقيادة الجنوبية للمضي قدماً في إعلان الدولة
النفور من الفساد:
يرى الجنوبيون في نموذج “الشرعية” الحالية استمراراً لمنابع الفساد وحماية للارهابيين وسوء الإدارة وتدهور الخدمات، وهي آفات ارتبطت بشكل وثيق بسلطة الوحدة الميتة. إن رفضهم لـ “الشرعية” هو أيضاً رفض لنظام فاشل ومتهالك.
المستقبل:
لا عودة إلى الوراء
ما يجب أن يدركه الدكتور العليمي وأي طرف إقليمي أو دولي يحاول الضغط على مسار الأحداث هو الآتي:
إرادة الشعب هي حاكم لا يُهزم.
الجسر قد انقطع: إن فكرة استعادة السيطرة الكاملة على الجنوب تحت أي مظلة “وحدوية” هي فكرة تجاوزها الزمن والأحداث والدماء التي سالت.
التكلفة الباهظة للإنكار: إن المضي في إنكار حق الجنوب في استعادة دولته لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الصراع وتعقيد أي حل شامل للأزمة اليمنية. فالسلام في المنطقة والاقليم يبدأ بـ حل عادل لقضية الجنوب
وعودة دولتهم
إن العد التنازلي بدأ بالفعل. لم يعد الأمر يتعلق بقرارات تُتخذ في فنادق الرياض أو عواصم العالم، بل يتعلق بما يحدث في شوارع عدن والمكلا. فالمشهد واضح: العليمي يُمثل الماضي، وإرادة شعب الجنوب تمثل المستقبل الحتمي، مستقبل دولة الجنوب الفيدرالية المستقلة. ومن يراهن على غير ذلك، يراهن على سراب.
عاش الجنوب حراً ابياً