عندما يتحدث غفوري عن “الضباع”… فهو يصف تاريخه لا خصومه

كتب:/ هشام صويلح
حين يستخدم مروان غفوري استعارة “الضباع”، فهو لا يبتكر صورة جديدة، بل يستدعي – من حيث لا يدري – تاريخ السلطة التي ينتمي إليها. سلطة احتلال قامت منذ 1994 على منطق الغلبة، جمعت القبيلة بالعسكر، وتغطّت بالدين، ونظرت إلى الجنوب بوصفه غنيمة حرب لا شريك وطن.
الضباع الحقيقية لم تكن يومًا تلك التي تحمّلت عبء الأمن والاستقرار في الجنوب، بل تلك التي دخلت عدن بعد حرب 1994، فنهبت الأرض، وأقصت الكوادر، وكسرت مؤسسات الدولة، ثم قدّمت كل ذلك على أنه “وحدة” و“شرعية”. ضباع لا تبني دولة، بل تعيش على ما تبقّى منها.
مصدر انزعاج غفوري اليوم سياسي خالص. فهو يُطرد من وادي حضرموت والمهرة، لا لأن القانون انتُهك أو القيم دُنّست – كما يزعم – بل لأنه يخسر نفوذًا راكمته قواته المحتلّة على مدى عقود. انزعاج لا علاقة له بخوف على الناس، ولا حرص على النظام.
المفارقة أن من يتحدث عن “الفوضى” هو نفسه ابن سلطة صنعتها، ومن يلوّح بالخطر هو من يدافع عن مشروع لم يعرف من الدولة إلا اسمها، ولا من الشراكة إلا خطابها.
خلاصة القول، إذا كان لا بد من الحديث عن “الضباع”، فهي تلك التي حكمت الجنوب منذ 1994 بعقلية الغنيمة، لا تلك التي تسعى اليوم لاستعادة قرارها وأمنها. ما يزعج غفوري حقًا ليس الخطر، بل انتهاء زمن الافتراس.