كيف تغيّر بكتيريا السل جينومها للهروب من العلاج؟

النقابي الجنوبي/متابعات
أظهرت دراسة حديثة أن بكتيريا السل تمتلك قدرة لافتة على إعادة تشكيل حمضها النووي، ما يمنحها فرصة أكبر للبقاء رغم العلاجات الدوائية.
فالسل، الذي يُعد من أقدم الأمراض وأكثرها فتكًا، لا يزال يقتل أكثر من مليون شخص سنويًا، رغم استخدام المضادات الحيوية منذ أربعينيات القرن الماضي. ومع مرور الوقت، طوّرت البكتيريا مقاومة واسعة للأدوية، وهو ما حيّر الباحثين طويلاً.
الدراسة الجديدة، التي أجراها فريق من جامعة ملبورن، اعتمدت على تقنيات تسلسل حديثة مكّنت العلماء من رؤية تغيّرات بنيوية كبيرة في جينوم المتفطرة السلية لم تكن مرئية من قبل. وتشمل هذه التغيرات عمليات حذف وتكرار وانعكاس في أجزاء من الحمض النووي، ما يعيد تشكيل البنية الجينية للبكتيريا بالكامل.
وأشار الباحثون إلى أن جزءًا صغيرًا من الحمض النووي يُسمى IS6110 يلعب دورًا رئيسيًا في هذه التحولات، إذ يتحرك داخل الجينوم ويُحدث تغييرات تسمح للبكتيريا بالالتفاف على العلاج، بعيدًا عن الطفرات الصغيرة التقليدية التي كان يجري التركيز عليها سابقًا.
هذه النتائج تفتح بابًا جديدًا لفهم كيفية تطور مقاومة السل للأدوية، وتوضح أن المعركة مع هذا المرض أعمق من مجرد مراقبة الطفرات البسيطة. وتؤكد الدراسة أيضًا أن إدخال هذه المعارف في المجال الطبي قد يساعد لاحقًا في تحسين قرارات العلاج وتطوير أدوات تشخيص قادرة على رصد السلالات المقاومة مبكرًا.
الدراسة تمثل خطوة مهمة نحو تفسير سلوك بعض عزلات السل التي تظهر مقاومة غير مبررة، وتضع الأساس لنهج جديد في التعامل مع أحد أخطر الأمراض المعدية في العالم.