صالح حقروص يكتب: الخليج والجنوب العربي.. علاقة التاريخ والمصير المشترك

صالح حقروص
من يتابع مسار الأحداث في اليمن والمنطقة، يدرك أن هناك من يسعى منذ سنوات طويلة إلى إحداث شرخٍ في العلاقة بين الجنوب العربي ودول الخليج. هذه المحاولات ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد لنهجٍ إعلامي وسياسي انتهجته بعض النخب في الشمال، التي فشلت في إدارة خلافاتها الداخلية، فحاولت تصدير أزماتها نحو الجنوب عبر صناعة عدوٍ خارجي وهمي.
والغريب أن هذه القوى الشمالية، التي تروّج لخطاب العداء بين الجنوب والخليج، هي ذاتها التي طالما كانت خصمًا حقيقيًا للخليج عامةً وللسعودية على وجه الخصوص.
فبينما ظل الجنوب ثابتًا في موقفه العربي، لم يصدر عنه أي تهديد أو ضرر تجاه أشقائه في الخليج، كانت تلك القوى تمارس على مدى عقود سياسة مزدوجة، تارة بالتقرب من خصوم الخليج، وتارة بتأليب الرأي العام ضده.
منذ حرب 2015 والدعم الخليجي حاضرًا في ميادين الجنوب إنسانيًا وسياسيًا وعسكريًا. امتزج الدم الجنوبي بالخليجي في معارك الدفاع عن الهوية العربية، في وقت كانت فيه بعض القوى الشمالية تراهن على التحالفات المعادية للعرب، وتسعى لإضعاف الخليج عبر الخطاب أو السلاح.
ما يجري اليوم ليس صدفة، بل هو جزء من حربٍ ناعمة تستهدف وعي الجنوبيين، وتعمل عبر أدوات إعلامية مأجورة لزرع الشكوك بين الأشقاء. الهدف الحقيقي من وراء ذلك هو ضرب الرابط العربي القوي الذي يجمع الجنوب بالخليج، وتحويل الأنظار عن الخطر الحقيقي القادم من الشمال.
إن الرد على هذه الحملات لا يكون بالصمت، بل بالوعي والكشف. فالعلاقة بين الجنوب ودول الخليج علاقة متجذّرة في التاريخ والجغرافيا والمصير، لا يمكن تقويضها بخطابٍ مأزوم أو بتضليلٍ إعلامي عابر.
اليوم، يدرك الجنوبيون أن أمنهم واستقرارهم من أمن الخليج، كما يدرك الخليجيون أن الجنوب هو الامتداد الطبيعي لعمقهم العربي. ومن يراهن على تمزيق هذه العلاقة إنما يعيد إنتاج خطايا الماضي، متجاهلًا أن الجنوب الجديد أكثر وعيًا وصلابة من أن يُخدع بدعاياتٍ فقدت صدقيتها