في صرح النهضة الأبيّة… يقف معلمٌ لا يُعلّم الحروف فحسب بل يصنع الإنسان

كتب / بدر البدر
_هنا… حيث تبدأ الحكاية النبيلة كل صباح، في مدرسةٍ اسمها النهضة الأبيّة، مدرسةٌ لا تشبه غيرها، لأن بين جدرانها روحًا لا تنطفئ، وشعلةً لا تخبو، ووجهًا تربويًا باسلًا اسمه الأستاذ /خالد قايد علي المعروف بين اوساط المجتمع “بالخالدي”
_هذا الرجل الذي لم يكن معلمًا بالوظيفة فقط، بل رسول معرفةٍ وإنسانيةٍ وضمير، اختار أن يحمل همَّ الجيل فوق كتفيه، وأن يمضي في طريقٍ لا يُكافأ عليه إلا برؤية النور في عيون طلابه. لم يكن الخالدي يومًا يبحث عن شهرةٍ أو منصب، بل عن أثرٍ يبقى، وصدى يردده الزمان كلما ترددت كلمة “وفاء” في ذاكرة التعليم.
_في هذه المدرسة العريقة، التي تخرج منها الرجال وصُنّاع الغد، يقف المعلم الخالدي كالسارية في مهب الرياح، يواجه تحديات العصر، وضجيج الواقع، وضعف الإمكانات، لكنه يظل واقفًا لا ينحني… لا خوفًا ولا تعبًا، لأنه يؤمن أن من يحمل رسالة العلم لا يُرهقه العناء، بل يزهر فيه الصبر كما تزهر الشمس في السماء.
_إنه المعلم الفذّ الذي لا يعرف للرتابة طريقًا، يدخل فصله وكأنّه يدخل إلى محرابٍ مقدّس، فيغرس في العقول بذور الفهم، ويزرع في النفوس الثقة، ويوقظ في القلوب الحلم، تراه يشرح بصدق، وينصح بحنان، ويوبّخ بحب، ويبتسم رغم تعب الأيام. فهو المعلم الذي أدرك أن بناء الإنسان ليس حروفًا على سبورة، بل تربيةُ ضميرٍ، وصناعةُ روحٍ، وشحنُ قلبٍ بالإيمان والكرامة._
_في مدرسة النهضة الأبيّة، لا يُقاس نجاح المعلم بعدد الشهادات، بل بعدد القلوب التي أنارها.
_وهنا تحديدًا، يضيء الخالدي المكان ككوكبٍ متوهجٍ في قطع الليل المظلم، لا يكلّ ولا يملّ، يحترق ليضيء، ويعطي ليبقى، ويزرع ليحصد وطنه المجد جيلًا بعد جيل
_ولأنه يؤمن أن “المعلم هو صانع الحياة”، فهو يتعامل مع طلابه كأنهم أبناؤه، يمدّ لهم يده قبل أن يمدّ إليهم درسه، ويشعل في داخلهم شرارة الطموح، حتى يراهم يومًا على قمم المجد، يحملون مشاعل العلم كما حملها هو ذات يوم.
_كم من طالبٍ خجولٍ صار متحدثًا واثقًا بفضل كلماته، وكم من عقلٍ خامٍ صار عبقريًّا بفضل الله ثم بفضل إصراره، وكم من قلبٍ ضائعٍ وجد طريقه بفضل الله ثم بفضل صدقه !!! تلك هي آثار الخالدي،،، لا تُكتب في دفاتر، لكنها تُحفر في الذاكرة، وتُخلّد في وجدان المجتمع.
_اننا حين نكتب عنه، فإننا نكتب عن الرمز والرسالة والقدوة،،،، عن رجلٍ رفض أن يكون رقمًا في سجلات التعليم، فصار أيقونةً للوفاء والإخلاص.
_عن رجلٍ إذا تكلم أنصت الجميع، وإذا عمل صمت الجميع إجلالًا لعطائه
_عن إنسانٍ آمن أن الوطن لا يُبنى بالقرارات، بل بالعقول التي يربيها المعلمون، وبالنفوس التي يغرس فيها الإيمان والانتماء._
_أمثال المعلم الخالدي، لا يحتاجون إلى أوسمةٍ تُعلّق على الصدور، بل إلى دعاءٍ صادقٍ من قلب طالبٍ كان يومًا تحت جناحه.
_ولا يحتاجون إلى تصفيقٍ من جمهورٍ، بل إلى صمتٍ مهيبٍ من ضمير الأمة وهي تشهد أنهم الأوفياء الذين يحملون المجد في أكفّ العطاء.
_سلامٌ على هذا المعلم الذي لم يساوم على رسالته، ولم يبع قلمه بثمنٍ، ولم يفرّط في قدسية مهنته.
_سلامٌ على هذا النور البشريّ الذي كلما أطفأ الزمن شمعةً في قلبه، أوقد مكانها ألف شمعةٍ من الأمل والإصرار.
_وهنا، في مدرسة النهضة الأبيّة، لا ينتهي الحديث،_
_فما دام فيها المعلم النبيل الخالدي وامثاله،،، فسيظل التعليم تاجًا على جبين الوطن، وسيظل الجيل القادم يحمل في قلبه بصمةً من رجلٍ أبى أن ينحني إلا لله وحده.