توكل كرمان.. رشوة نوبل على حساب اليمن والأوطان

بقلم/ نادين الماوري
توكل كرمان ليست مجرد ناشطة سياسية كما يحاول الإعلام القطري والتركي تصويرها، بل هي أداة وظفت في مشروع واسع لضرب استقرار الدول العربية من الداخل. لقد منحتها قطر منصاتها الإعلامية، وسخرت لها تركيا الدعم السياسي، حتى تحولت إلى أيقونة مزيفة للفوضى، بينما في حقيقتها تمثل امتدادًا لتاريخ أسود من التدخلات العثمانية التي عانت منها اليمن منذ قرون. فاسم “كرمان” ليس لقبًا عاديًا، بل هو جذر عثماني عصملي يفضح بقايا الغزو التركي لليمن، تمامًا كما أن المشروع الفارسي عبر الحوثيين يمثل بقايا الغزو الصفوي، وكلاهما اجتمع على هدف واحد: تدمير الهوية الوطنية اليمنية.
الدعم القطري والتركي لتوكل كرمان لم يكن بدافع الحرص على الديمقراطية كما يروجون، بل كان جزءًا من منظومة دعم الإخوان المسلمين، وتلميع رموزهم لتمرير مشروع الفوضى الخلاقة. فجائزة نوبل التي حصلت عليها لم تكن جائزة للسلام، بل أقرب إلى رشوة سياسية منحتها القوى الغربية والصهيونية لتلميع مشروع الخراب في المنطقة وإعطاءه وجهًا إنسانيًا مضللًا.
لقد ارتبطت مسيرة كرمان أيضًا بساحات “الربيع العربي” التي استثمرت صعودها سياسياً، وتمكنت من تسلّق منصات الاحتجاج لاستثمار مطالب الشباب في مشاريع أخرى لا تمتّ إلى مواقفهم الأصلية بصلة. لم تكتفِ بذلك، بل شهدت مراحل لاحقة مواجهات سياسية مع الدولة المصرية وظهرت بقوة في ذروة أحداث رابعة، في مشهد يفضح ازدواجية الأدوار بين التحشيد الشعبي والارتباطات الإقليمية.
كما ترددت تقارير تربطها بشبكات دعم دولي وإقليمي، وتزعم أنها استفادت من اعتبارات سياسية أوسع سمحت لها بالولوج إلى مناصب تأثيرية في آليات الرقابة وفضاءات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يعزز الرأي القائل بأن خروجها الظاهري من صفوف الإخوان لا يغيّر من حمولة مشروعها السياسي ومزيج التحالفات التي تظل تحمله.
اليمن اليوم يعيش مأساة حقيقية بسبب العبث بالهوية الوطنية. فقد تم توزيع جوازات سفر مطبوعة من قبل الحوثيين خارج مؤسسات الدولة، وسفارات مخترقة سهّلت منح وثائق رسمية لجماعات متطرفة. هذه الكارثة تمثل قنبلة موقوتة تهدد الأمن القومي، وتفتح الباب واسعًا أمام التزوير والتهجير والتجنيس غير المشروع. ولهذا فإن اليمن بحاجة ملحة إلى فتح تحقيق شفاف وشامل، وإصلاح قاعدة بيانات السكان، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس قوية تمنع تكرار هذه الاختراقات.
إن توكل كرمان، بدعم قطر وتركيا، وبخلفية عصملية عثمانية، ليست سوى وجه آخر لمشروع الأقليات الدخيلة – الفارسية والتركية – التي استهدفت اليمن وكيانه عبر التاريخ. واليوم، وفي ظل كل هذا الخراب آن الأوان لفضح هذه المشاريع المشبوهة، ورفع الصوت عاليًا للمطالبة بإصلاحات جذرية تعيد لليمن هويته الوطنية وتحمي مستقبله من العبث.
فجائزة نوبل التي رفعتها كرمان لم تكن يومًا وسام شرف، بل كانت جائزة على أنقاض الأوطان وأشلاء الشعوب.
نادين الماوري
باحثة في الهوية اليمنية ومفككة للبنية الفكرية السلالية