وداعًا أديب العيسي… رحيل رمز الوفاء والنضال الجنوبي

النقابي الجنوبي/ خاص
الاسيف /عبدالفتاح السقلدي.
كان الوداع صعبًا يا أديب، لكنه قضاء الله ومشيئته، رحمك الله وأسكنك فسيح جناته. عرفناك صلبًا ثابتًا على درب النضال، وودعناك أكثر ثباتًا بموقفك الاستثنائي حين أعلنت أول تأييد في الجنوب للرئيس عيدروس الزبيدي، وكأنك أردت أن تختم مشوارك بوداع أخيك ورفيق دربك الرئيس الزبيدي، كما كان على الوفاء موعدكم الأول في الضالع عام 2015، لتغادر وأنت متمسك بالعهد الذي بدأته يومها ولم تحِد عنه حتى رحيلك.
مؤلم حد الفجيعة أن نصوغ اليوم كلمات رثائك، ونحن الذين اعتدنا معك أن نصوغ بيانات الثورة منذ لقائنا الأول بك في 2008. كيف لنا أن نرثيك ونحن الذين اعتدنا أن نتداول كلماتك وروحك المرحة التي أحبها كل من عرفك؟ كنت الأخ، والرفيق، والمحب الصادق، المتسامح الذي يسع قلبه الجميع. كنت الابتسامة التي لا تغيب، حتى حين يكون نقدك لاذعًا، فقد كان الجميع يعلم أن منبعه الحرص والصدق والإخلاص لوطن أفنيت حياتك من أجله.
لم تكن مناضلًا فحسب، بل مفكرًا ثوريًا استثنائيًا، وقائدًا ملهمًا، وقدوة لكل الشباب. تركت لنا مواقف خالدة لا تمحى، ورصيدًا من الفكر الوطني سيبقى نبراسًا للأجيال.
ولست أنسى تلك الليلة الأخيرة… قبلها بيوم تلقيت مكالمتك قائلًا: “حاول تزورني غدًا يا فتاح”. كنت سأغفل الموعد، لكن شيئًا ما دفعني للحضور مساء على غير العادة. رأيت الألم بادياً عليك، وبذلنا جهدنا مع إخوتك ورفاقك في إسعافك، وكنت بين فرح بنجاح العملية وخوف ينهش قلبي من فقدانك. لم يغمض لي جفن تلك الليلة، وكأن داخلي كان يعلم أن رحيلك بات قريبًا.
سامحنا يا أبا محمد، كم اختلفنا معك، وكم توحدنا، وكم ابتعدنا، وكم اقتربنا، لكننا لم نجدك إلا ذاك القلب الطيب، والابتسامة التي لا تفارق محياك. رحلت وتركت في قلوبنا وجعًا لا يوصف، وألمًا لن يزول حتى آخر العمر.
وداعًا أيها الحبيب، وداعًا محبوب الجماهير، ورمز التصالح والتسامح والوفاق الجنوبي. وداعًا أيها المفكر الثوري الاستثنائي، صاحب المواقف الشجاعة الخالدة، الذي لن تمحى ذكراه من ذاكرة شعبه وقلوب محبيه، وستبقى روحك نبراسًا يهتدي به كل من يحب الوطن والحرية.
تعازينا الحارة لكل أفراد الأسرة الكريمة من آل العيسي، ولكل رفاقك ومحبيك، سائلين المولى عز وجل أن يتغمدك بواسع رحمته، ويسكنك فسيح جناته، ويعصم قلوبنا جميعًا بالصبر والسلوان. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الأسيف / عبدالفتاح السقلدي