اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

الجنوب يواجه مافيا المال والسياسة:(الزُبيدي) يعود والمعركة مع الفساد تدخل أخطر مراحلها

كتب/ وضاح قحطان الحريري

الجنوب وقوى شرعية اليمننة اليوم على صفيح ملتهب، ليس بسبب الحرب وحدها، بل بفعل منظومة فساد متجذرة تمسك بخيوط السياسة والاقتصاد معاً، وتتحكم بمصير الملايين بقراراتها الخفية. انهيار الريال لم يكن حادثاً عابراً، بل جريمة اقتصادية مكتملة الأركان، نفذتها مافيا المال التي تغلغلت في مؤسسات الدولة منذ عهد علي عبدالله صالح، وتحولت إلى شبكة مصالح عابرة للحكومات، هدفها إبقاء الجنوب في حالة شلل دائم. مجموعة هايل سعيد أنعم، ومجموعة الرويشان، وإخوان ثابت، وأذرعهم من شركات الصرافة والبنوك، ليست مجرد كيانات تجارية، بل أذرع سياسية تستخدم المال كسلاح لإخضاع الشعوب وإفشال أي محاولة لبناء اقتصاد مستقل في الجنوب.
عودة عيدروس الزبيدي إلى الداخل ليست حدثاً بروتوكولياً، بل خطوة متقدمة في مواجهة هذه المنظومة، مدعوماً بتحركات إقليمية ودولية تدرك أن استقرار الجنوب لن يتحقق ما لم تُكسر قبضة هذه المافيا. الضغوط الأمريكية الأخيرة على بعض رموز المال في اليمن، والتحذيرات الموجهة لشبكات الصرافة التي تتلاعب بسعر العملة، كشفت أن العالم بدأ يضيق ذرعاً بلعبة الابتزاز التي تمارسها هذه القوى.
في حضرموت، خرجت أصوات الغضب من الوادي وتريم وسيئون، ليس فقط ضد وجود القوات الشمالية التي تحرم أبناء المنطقة من ثرواتهم، بل ضد منظومة النهب التي تمتص عائدات النفط والغاز وتعيد تدويرها في حسابات سرية، بينما يعيش المواطن تحت خط الفقر. هذه الانتفاضة امتداد طبيعي للغضب الشعبي في عدن وأبين والضالع وشبوة ولحج والمهرة، ضد شرعية فاسدة تتاجر بالشعارات، وتخدم الحوثيين من خلف الكواليس تحت غطاء تحرير صنعاء.
وفي الخلفية، تتسارع سياسة النزوح المنظم إلى الجنوب، بذرائع إنسانية ظاهرها الرحمة وباطنها الفوضى. هذه الخطة ليست عشوائية، بل تهدف إلى إنهاك البنية الخدمية والاقتصادية، وخلق بيئة خصبة لاختراق الأمن الجنوبي، وربما زرع أدوات إرهاب وفوضى، بما يخدم أجندات القوى التي ترى في الجنوب المستقر تهديداً لمصالحها.

المجلس الرئاسي يقف أمام ساعة الحقيقة؛ إما أن يثبت أنه قادر على اتخاذ قرارات مصيرية تواجه الفساد وتعيد للناس ثقتهم، أو يثبت فشله ويصبح جزءاً من المشكلة. وفي المقابل، الزبيدي يتحرك بذكاء بين عواصم القرار، من لقاء السفير الصيني في عدن، إلى اتصالات مع موسكو وواشنطن، في محاولة لصياغة معادلة جديدة تفرض على الجميع الاعتراف بأن الجنوب لم يعد ساحة مفتوحة للنهب والتلاعب.

المعركة الآن ليست بين الجنوب والحوثي فقط، بل بين الجنوب ومافيا المال والسياسة التي تتغذى على الأزمات. كسر هذه القبضة يتطلب إرادة سياسية حقيقية، وتحركاً شعبياً ضاغطاً، وإغلاق كل الأبواب التي يدخل منها الفساد. فاللحظة الراهنة إما أن تفتح طريق التحرر الاقتصادي والسياسي، أو تعيد الجنوب إلى نفق الفوضى حيث يتقاسم اللصوص الغنائم على حساب مستقبل شعب بأكمله.

زر الذهاب إلى الأعلى