اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
تحقيقات

عين الموساد في صنعاء: سقوط الرويشان وهروب شرف يهزان عرش الجماعة

النقابي الجنوبي/خاص

في تطور استثنائي يضرب قلب البنية الأمنية لجماعة الحوثي، شهدت العاصمة صنعاء خلال ساعات معدودة واقعتين خطيرتين: الأولى باختفاء اللواء جلال الرويشان، نائب رئيس وزراء الجماعة لشؤون الأمن، عقب مداهمة منزله من قبل جهاز الأمن والمخابرات الحوثي؛ والثانية بمحاولة هشام شرف، وزير الخارجية الأسبق، الهروب سرًا نحو أديس أبابا مستخدمًا جواز سفرًا فرنسيًا.

رغم أن الجماعة التزمت الصمت المطبق تجاه الحدثين، فإن تسريبات استخباراتية متطابقة من مصادر غربية وعربية، تشير إلى وجود اختراق حقيقي داخل بنية الحوثيين، وأن جهاز الموساد الإسرائيلي يقف خلف جزء من هذا التغلغل، في واحدة من أخطر الهزات الأمنية التي تضرب الجماعة منذ سنوات.

الرويشان: رأس أمني يختفي بصمت

فجر الأربعاء الماضي، داهمت قوة حوثية خاصة منزل اللواء جلال الرويشان، الشخصية التي تنحدر من خلفية مؤتمرية وظلت حاضرة في مشهد السلطة الحوثية كطرف توافقي. أُخذ الرويشان من منزله مع حراسته إلى جهة مجهولة، دون أي بيان رسمي، تاركًا خلفه موجة من التكهنات.

تقول مصادر إن التهمة غير المعلنة تدور حول “التخابر مع الموساد”، وهي تهمة إذا صحت، فإنها تعني اختراقًا مباشرًا لمنظومة القيادة الأمنية العليا في صنعاء.

الرويشان، الذي خدم في عهد صالح وكان وزيرًا للداخلية، ظل يُنظر إليه كعنصر تقني أكثر من كونه إيديولوجيًا، ما جعله – في نظر البعض – بوابة اختراق ناعمة، خاصة في ظل الشكوك المتصاعدة حول تسريب معلومات تخص العمليات البحرية والتحركات الإيرانية عبر البحر الأحمر.

شرف: وزير الهروب الصامت

بالتزامن مع اختفاء الرويشان، كشفت مصادر جنوبية عن محاولة هشام شرف مغادرة البلاد خلسة عبر مطار عدن، مستخدمًا جوازًا فرنسيًا. الرجل الذي شغل منصب وزير خارجية الحوثيين منذ 2016 وحتى استبعاده في 2024، بدأ وكأنه يسابق مصيرًا غير معلن، مستهدفًا إثيوبيا كمحطة خروج آمنة.

القوات الجنوبية في مطار عدن كشفت هويته وأوقفته، دون أن تُعلن الجماعة عن مصيره أو توضح سبب هروبه.

محللون يشيرون إلى أن شرف، رغم خروجه من المنصب، ظل يحتفظ بعلاقات خارجية، وربما معلومات حساسة، لا سيما أن استبداله جاء ضمن عملية “تطهير سياسي” للجبهة الخارجية من الأصوات غير العقائدية.

اختراق الموساد: هل أصبح واقعًا؟

المفارقة أن التطورات الداخلية تزامنت مع تقارير غربية تحدثت عن اختراقات في بنية الحوثيين، وتسريبات تمس التمركز البحري الإيراني وخطط التحرك ضد الممرات الدولية.

الرويشان بحكم موقعه كان مطّلعًا على غرف عمليات وأجهزة أمنية رفيعة، في حين مثل شرف “واجهة” التواصل الخارجي في ملفات شائكة تتصل بأوروبا وإيران وملف الوساطات الأممية.

التفسير الأرجح، بحسب دوائر تحليلية، أن الجماعة اكتشفت خيوط اختراق متشابكة، وتحركت بسرعة لمنع مزيد من التسريبات أو الانشقاقات. إلا أن هذا التحرك، بصمته وغموضه، يثير تساؤلات أكثر مما يجيب.

هل تعيد الجماعة ضبط صفوفها أم تصفيها؟

في ظل غياب بيان رسمي، يدور الجدل حول ما إذا كانت الجماعة بصدد تصفية صامتة لبقايا جناح المؤتمر الشعبي العام في السلطة، تحت لافتة أمنية، أم أنها تسعى لاحتواء أزمة اختراق موسادي فعلي قبل أن تخرج عن السيطرة.

كلا السيناريوهين يكشفان عن مأزق داخلي حقيقي: الأول يعكس انعدام الثقة داخل أجنحة الجماعة، والثاني يُظهر ثغرة استخباراتية خطيرة قد تمتد إلى مراكز القرار في صنعاء.

من يراقب من.. في قلب صنعاء؟

المثير أن الواقعتين – اختفاء الرويشان وهروب شرف – حدثتا دون تغطية إعلامية حوثية أو تعليق رسمي، ما يؤكد أن الجماعة تحاول معالجة الأمور داخل الغرف المغلقة، خشية انهيار جبهتها الداخلية، أو تسرب رسالة ضعف إلى الخارج.

وفي حال صحت المعلومات حول ارتباط أحدهم أو كليهما بجهاز الموساد، فإن ذلك يُشكل ضربة قاصمة لهالة “التحصين الأمني” التي تحرص الجماعة على إظهارها، ويفتح الباب أمام أسئلة وجودية:
هل اخترق الخارج الجماعة عبر أبرز وجوهها؟
وهل ما خفي أعظم؟

نهاية الثقة في زمن المراقبة

ما يجري داخل صنعاء اليوم ليس مجرد حادثتي توقيف وهروب، بل مؤشر على زلزال داخل منظومة الحوثيين، يضع علامات استفهام حول من يُمسك فعليًا بخيوط الجماعة، ومن يزرع العيون في قلبها.

فالاختراق – إن ثبت – لا يُقاس فقط بحجم المعلومات المُسربة، بل بما يترتب عليه من انهيار منظومة الثقة. ومع كل خلية تُكتشف، يضيق محيط الجماعة أكثر، ويغدو الخارج أقرب مما تظن.

زر الذهاب إلى الأعلى