الرئيس… عندما يصبح الانتماء اسما ورمزا

كتب/ بسمة نصر
بمناسبة عودة الرئيس عيدروس الزبيدي إلى عدن
في لحظة تاريخية تمر بها المنطقة، حيث تتقاطع المصالح الدولية مع تطلعات الشعوب، وتعاد صياغة التحالفات على رقعة شطرنج متغيرة، عاد إلى عدن رجل لا يمثل فقط إرادة الجنوب، بل يجسد بصلابة قائد يقرأ من خلاله نبض الأرض، واتجاه المستقبل.
عاد الرئيس عيدروس الزبيدي، لا كفاعل محلي فحسب، بل كعنوان إقليمي لمرحلة ترسم ملامحها بمداد الواقعية السياسية، وبديناميكية رجل لم تغب عنه معادلة الداخل ولا توازنات الخارج.
في وقت فقدت فيه كثير من القيادات شعورها بالانتماء إلى نبض الناس، وفي لحظة ضاعت فيها البوصلة عند البعض، يثبت الزبيدي أنه لا يزال ممسكا بخيوط القضية من جذورها، دون أن يفقد وعيه بموقع الجنوب من الخارطة الدولية.
عودته إلى عدن لا تقرأ كتحرك إداري أو زيارة سياسية، بل تفهم في سياق أوسع: سياق القيادة المسؤولة التي تدرك متى تعود، ولمن تعود، ولماذا.
الزبيدي، الذي خبر ميدان القتال وخنادق السياسة على السواء، يقدم اليوم نموذجا نادرًا لقائد يمسك بالملف الوطني دون أن يفقد البعد الإنساني، ويطرح مشروع الاستقلال الجنوبي ليس بلغة العزل، بل بلغة الشراكة، والتفاوض، والانفتاح الذكي على العالم.
إن من يراقب أداء الرئيس الزبيدي عن قرب، سيلحظ بوضوح أنه لا يبني شرعيته فقط على شعبية محلية جارفة، بل أيضا على هندسة دقيقة لعلاقاته الإقليمية والدولية. في تصريحاته، كما في صمته، هناك رسائل تقرأها العواصم. وفي كل تحرك له، هناك توازن دقيق بين الوفاء للثوابت الجنوبية وبين الواقعية السياسية التي تتطلبها المرحلة.
الجنوب – كما يفهمه الرئيس الزبيدي – ليس مجرد جغرافيا يسعى لاستعادتها، بل هو مشروع عدالة وكرامة وقرار سيادي. لذلك، فإن الانتماء لهذا الرجل ليس تبعية، بل رهان وطني على عقل يقود، لا يأمر، وعلى قلب يحتضن، لا يهيمن.
نحن لا نقدس الأشخاص، ولا نبيع الأحلام. نحن فقط ندرك أن في هذا الزمن المليء بالتشظي، نحتاج إلى رجال يثبتون أن الانتماء ليس شعارا، بل مسؤولية تاريخية.
ولذلك، فإن عودة الرئيس الزبيدي إلى عدن، في هذا التوقيت بالذات، ليست مجرد رجوع إلى العاصمة، بل هي إعادة ترتيب الأولويات، وترسيخ حضور الدولة، واستعادة الثقة بقيادة تعرف إلى أين تتجه.
إن الجنوب بحاجة إلى قائد لا يحكمه، بل ينهض به. بحاجة إلى رجل يجلس على الطاولة لا لينتظر التعليمات، بل ليصنع القرار.
والرئيس عيدروس الزبيدي، في كل ما يفعله، يقول ضمنا:
نحن هنا… لا ننتظر الاعتراف، نحن نصنعه.