اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

الغلوكوز في الدماغ قد يكون مفتاحًا لعلاج ألزهايمر

دراسة أمريكية تكشف دور الغليكوجين في تقليل تلف الخلايا العصبية وتمهّد لعلاجات جديدة

 

 

 

كشفت دراسة علمية حديثة أجراها معهد “باك” لأبحاث الشيخوخة في الولايات المتحدة عن رابط مفاجئ بين مخزون السكر في الدماغ ومرض ألزهايمر، ما يفتح آفاقًا جديدة لفهم هذا المرض العصبي المعقد وتطوير علاجات مبتكرة له.

 

وأوضحت الدراسة أن الغليكوجين، وهو الشكل المخزن للغلوكوز في الجسم، لا يقتصر دوره على تزويد العضلات والكبد بالطاقة كما كان يُعتقد سابقًا، بل يضطلع بوظائف مهمة في الدماغ نفسه، خاصة فيما يتعلق بتفاعلات الخلايا العصبية لدى مرضى ألزهايمر.

 

واعتمد الفريق البحثي، بقيادة عالم الأحياء الجزيئية الدكتور بانكاج كاباهي، على تجارب مخبرية أجريت على خلايا دماغية بشرية ونماذج حية من ذباب الفاكهة المُصاب باضطرابات عصبية مشابهة لتلك التي يسببها مرض ألزهايمر لدى الإنسان. ووجد الباحثون أن تراكم الغليكوجين في الدماغ كان مفرطًا لدى هذه النماذج، ما ساهم في تلف الخلايا العصبية.

 

غير أن المفاجأة كانت في أن تنشيط إنزيم “فوسفوريلاز الغليكوجين” (GlyP)، المسؤول عن تحويل هذا المخزون إلى طاقة، أدى إلى انخفاض ملحوظ في تلف الخلايا، مما يشير إلى دور فعّال لهذا المسار في الحد من تطور المرض.

 

وقال الدكتور كاباهي في تعليقه على النتائج: “لقد كنا نعتقد أن الغليكوجين في الدماغ مجرد مخزون طاقة خامد، لكن هذه الدراسة أثبتت أنه عنصر نشط يشارك في تطور مرض ألزهايمر”. وأضاف أن هذه النتائج تفتح المجال أمام استراتيجيات علاجية جديدة تركز على تنظيم مخزون السكر في الدماغ.

 

وإلى جانب الاختبارات الكيميائية، اختبر الفريق نظامًا غذائيًا منخفض البروتين على ذباب الفاكهة المصاب بما يُعرف باعتلال “التاو”، أحد المؤشرات البيولوجية الرئيسية لمرض ألزهايمر. وأظهرت النتائج أن الحمية ساعدت في إطالة العمر وتقليل الضرر الدماغي.

 

كما طور العلماء مركبًا دوائيًا يُعرف باسم 8-Br-cAMP، يحاكي آثار التقييد الغذائي دون الحاجة إلى تغيير النظام الغذائي، وحقق نتائج مماثلة، ما يبرهن على إمكانية تطبيق هذه الآلية علاجيًا دون تدخلات غذائية صارمة.

 

وتعزز هذه النتائج فرضية علمية متزايدة مفادها أن بعض الأدوية المستخدمة حاليًا لعلاج مرض السكري من النوع الثاني، مثل “أوزمبيك”، قد تؤدي دورًا وقائيًا ضد الخرف، عبر تأثيرها على مسارات الغليكوجين وتنظيم الطاقة داخل الدماغ.

 

ويمثل مرض ألزهايمر السبب الأكثر شيوعًا للخرف، ويؤثر في ملايين الأشخاص حول العالم، خاصة من كبار السن، وإن كانت حالات الإصابة المبكرة قبل سن 65 عامًا في تزايد مستمر. ولا يزال البحث عن علاج فعّال لهذا المرض تحديًا طبيًا عالميًا، ما يجعل هذه الدراسة خطوة بالغة الأهمية نحو اكتشاف طرق جديدة للوقاية أو الحد من تقدم المرض.

 

وبينما تتطلب النتائج مزيدًا من التجارب السريرية على البشر قبل اعتماد أي علاج نهائي، يرى خبراء الصحة العصبية أن الدراسة تُعد من أكثر المؤشرات الواعدة على مدى السنوات الأخيرة، كونها تسلط الضوء على عنصر بيولوجي مهمل لطالما اعتُبر ثانويًا في أبحاث ألزهايمر.

 

وبهذا، فإن فهم دور الغلوكوز والغليكوجين في الدماغ لا يُسهم فقط في تفسير آليات تلف الخلايا العصبية، بل يُمكّن العلماء من إعادة النظر في استراتيجيات الوقاية والعلاج، وربما التوصل إلى تدخلات مبكرة تنقذ حياة ملايين المرضى المحتملين حول العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى