الإخوان المسلمون في اليمن .. من منصات الساحات في شوارع صنعاء اليمنية إلى تجار السلطة والحروب في الخارج

النقابي الجنوبي/خاص
حزب الإصلاح في اليمن أحاط بنشأته ونشاطه وتفرعاته الغامضة الكثير من التساؤلات وحام حوله العديد من الشكوك ورافقه جم من الظنون التي تقود إلى نتائج كارثية وأعمال تخدم أجندات إرهابية.
أفرز الإخوان المسلمون نسختهم في اليمن التجمع اليمني للإصلاح الذي لعب على متناقضات المرحلة في تثبيت كيانه بلباس ديني ينهج في تحقيق أهدافه من خلال تقديم مصالحه على أولويات الوطن ودماء الأبرياء عبر السيطرة على مقاليد الحكم.
نشأت جماعة الإخوان المسلمين لأول مرة في اليمن في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي في الفترة التي كانت تحظر قيام الأحزاب السياسية وكانت تمارس أنشطتها في الخفاء من خلال تنظيمات سرية بعيدة عن الواجهة في نظام تعليم ديني أصولي في اليمن.
مولود تكفيري
ولد التجمع اليمني للإصلاح امتدادا لحركة الإخوان المسلمين بعد اندماج الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في 22 مايو 1990 على يد شيخ قبائل حاشد اليمنية عبدالله بن حسين الأحمر يوم 13 سبتمبر من نفس العام في تجمع سياسي يحمل صبغة دينية متشددة تعتمد فكر الإخوان المسلمين حيث تم افتتاح مقره الرئيسي في 3 يناير 1991.
عقب وفاة مؤسس ورئيس الحزب الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر يوم 28 ديسمبر 2007 تم انتخاب محمد عبد الله اليدومي رئيسًا للجنة العليا للحزب واتخذ صحيفة الصحوة لسان حال الحزب.
ملفات سوداء ملطخة بالدماء
من الملفات السوداء التي ورثها وعكست وجها قبيحا لسلوكيات حزب الإصلاح ولم تكن الأولى وليست الأخيرة بدت من خلال تجنيد الشباب اليمنيين القصر بعد التعبئة المركزة وغسل أدمغتهم وإشراكهم في حرب أفغانستان تحت مسمى عناصر تنظيم القاعدة وداعش إضافة إلى إيكال مهام غزو الجنوب إليهم عقب عودتهم وممارسة السطو على البنوك والتخريب وقتل الأبرياء باسم الدين.
قضية أخلاقية هزت الرأي العام الجنوبي والعربي تمثلت بمقتل الشابة العدنية لينا مصطفى عبدالخالق رئيس المحكمة العليا في عدن قبل الوحدة في 29 يناير 1992م في منزل الشيخ عبدالمجيد الزنداني في قضية تسيد فيها النفوذ ولم تأخذ مسارها الطبيعي في التحقيق قضائيا.
إلى ذلك حكاية ذات طابع انساني جريمة بشعة تضاف إلى جرائم إخوان اليمن برزت بمقتل الشابين الجنوبيين من أبناء العاصمة عدن حسن جعفر أمان وخالد الخطيب عندما كانا في طريقهما إلى المأوى في (بيت بوس) ثم التحرك إلى السفارة الألمانية لأخذ تأشيرتهما لمواصلة دراستهما في جمهورية ألمانيا.
كان الشابان العدنيان أمان والخطيب في قمة السعادة باستخراج تأشيرتهما واتخذت ذريعة تجاوزهما موكب عرس بنات الشيخ العواضي القيادي في التجمع اليمني للإصلاح عضو الهيئة العليا للحزب الإخواني حجة وذريعة لتصفيتهما.
قضية فساد أخذت شكلا آخر يتحكم بخيوطها حزب الإصلاح تمثلت بضياع أموال المساهمين البسطاء المخدوعين في شركة الأسماك والأحياء البحرية الوهمية.
استغل حزب الإصلاح ضعف الحزب الاشتراكي وتكالب عليه إثر تعرضه للنكبات والاغتيالات التي كان هو أحد مدبريها ليركب الموجة وينتقل من المعارضة إلى السلطة بعد تآمره والالتفاف على الانتخابات النيابية في أبريل 1993، وفوزه بها.
كان دور الفريق الركن على محسن الأحمر الذي يمثل المؤسسة العسكرية الخاصة بالحزب بارزاً في قتال الجنوبيين عندما نشبت الحرب بين علي صالح ونائبه علي سالم البيض عام 1994 واصطف الإخوان المسلمون والقبائل يقاتلون بشراسة ضد الجنوبيين حتى تم فرض سياسة الأمر الواقع في 7 يوليو 1994م. وذكر الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في مذكراته : “تم تأسيس الحزب بطلب من علي عبدالله صالح، بعد الوحدة، وذلك ليكون رديفاً للمؤتمر، ويضم مجموعة الاتجاه الإسلامي، وذلك في مواجهة الحزب الاشتراكي، الذي – بعد دخوله الوحدة – سيضم إليه الأحزاب اليسارية في الشمال من ناصريين وبعثيين، وسيشكلون كتلة واحدة أمام المؤتمر، ولهذا فلا بد من وجود كتلة مقابلة شمالية”.
ظلت العمليات الإرهابية التي عانى منها شعب الجنوب نتيجة فتاوي التكفير والتخوين التي أطلقها مشائخ حزب الإصلاح اليمني تحت مسميات مختلفة فأخذت في صيف 1994، مسمى عصابة الردة الملحدين تلتها غزوة خيبر رغم أن كبار علماء السعودية استنكرها آنذاك منهم الشيخين عبدالعزيز بن باز وابن عثيمين وشاركهما الاستنكار الأزهر الشريف إلا أن ذلك لم يغير من واقع الفتوى وتأثيرها.
فتوى الديلمي 1994م
«إننا نعلم جميعاً أن الحزب أو البغاة في الحزب الاشتراكي اليمني المتمردين المرتدين هؤلاء لو أحصينا عددهم لوجدنا أن اعدادهم بسيطة ومحدودة، ولو لم يكن لهم من الأنصار والأعوان من يقف إلى جانبهم ما استطاعوا أن يفعلوا ما فعلوه في تاريخهم الأسود طيلة خمسة وعشرين عاماً، وكل الناس يعرفون في داخل المحافظات الجنوبية وغيرها أنهم أعلنوا الردة والإلحاد والبغي والفساد والظلم بكل أنواعه وصنوفه، ولو كان هؤلاء الذين هم رأس الفتنة لم يكن لهم من الأعوان والأنصار ما استطاعوا أن يفرضوا الإلحاد على أحد ولا أن ينتهكوا الأعراض ولا أن يؤمموا الأموال ويعلنوا الفساد ولا أن يستبيحوا لمحرمات، لكن فعلوا ما فعلوه بأدوات، هذه الأدوات هم هؤلاء الذين نسميهم اليوم المسلمين هؤلاء هم الذي أعطى الجيش ولاءه لهذه الفئة، فأخذ ينفذ كل ما يريد أو ما تريد هذه الفئة ويشرد وينتهك الأعراض ويعلن الفساد ويفعل كل هذه الأفاعيل وهنا لابد من البيان والإيضاح في حكم الشرع في هذا الأمر: “أجمع العلماء أنه عند القتال بل إذا تقاتل المسلمون وغير المسلمين فإنه إذا تترس أعداء الإسلام بطائفة من المسلمين المستضعفين فإنه يجوز للمسلمين قتل هؤلاء المُتترس بهم، مع أنهم مغلوب على أمرهم وهم مستضعفون من النساء والضعفاء والشيوخ والأطفال، ولكن إذا لم نقتلهم فسيتمكن العدو من اقتحام ديارنا وقتل أكثر منهم من المسلمين ويستبيح دولة الإسلام وينتهك الأعراض. إذا ففي قتلهم مفسدة أصغر من المفسدة التي تترتب على تغلب العدو علينا، فإذا كان إجماع المسلمين يجيز قتل هؤلاء المستضعفين الذين لا يقاتلون فكيف بمن يقف ويقاتل ويحمل السلاح. هذا أولا،
الأمر الثاني: الذين يقاتلون في صف هؤلاء المرتدين يريدون أن تعلو شوكة الكفر وأن تنخفض شوكة الإسلام، وعلى هذا فإنه يقول العلماء من كان يفرح في نفسه في علو شوكة الكفر وانخفاض شوكة الإسلام فهو منافق، أما إذا أعلن ذلك وأظهره فهو مرتد أيضا”
بعد حرب اليمن في 94م استولت حركة الإخوان التي دخلت مع جحافل الجيش اليمني على كثير من المراكز الدينية وحاولت منذ دخولها بث الأفكار المتشددة وتعزيز التطرف الديني، إلا أنها اصطدمت بواقع المدرسة الشافعية والحداثة التي كانت تسود الجنوب.
سنوات ما يسمى بثورة التغيير (فبراير 2011م) التي تبنت حركة الإخوان (المسلمين) في اليمن – عناصر حزب الإصلاح – قيادة المظاهرات وتسللت وسط الحشود لتأجيج المشهد وتعبئة الفئات الغير مؤهلة علميا وسيطرت على منصة الميدان لتبعث رسائلها وشحن الحشود وتحكمت بقواعد اللعبة لتحقيق أهدافها التي تخفي وراءها أبعادها في الوصول إلى أعلى هرم السلطة والسيطرة على مقاليد الحكم من خلال تقديم شباب وشابات المحافظات اليمنية قربانا في محرقة أطماعها والزج بهم في أتون مواجهات مجهولة النجاة والتضحية بدماءهم خدمة لأغراضها ومصالحها الخفية.
زعموا أنهم كانوا ثوارا على منصات الساحات فقط يجرون نصف الشعب إلى حتفه.. وفي السلطة أصبحوا تجارا يقتلون نصفه الآخر ببطئ بافتعال أزمات اقتصادية ونفسية وحرب الخدمات المعيشية اليومية دون السماح له برفع صوت الأنين.
ثورة مزعومة تنادي بالحرية والعدالة وإلغاء توريث السلطة دفع ثمنها روحا ودما البسطاء من عامة الناس وجنى ثمارها تجار السلطة من فروا بنفائس ممتلكاتهم وتركوا تلك الأنفس قربانا لأطماعهم تواجه مصيرها لوحدها استثمروا بها تجارة بور وكونوا دولة خارج الدولة وأورثوا المناصب لأهاليهم وأقرباءهم بثمن بخس وكأنه لم تكن ثورة.