النقابي الجنوبي: اعلان كاك بنك
مقالات الراي الجنوبي

نوال احمد تكتب : عدن بين شواطئ السعادة وعبور الألم

 

كتب/ نوال أحمد

تُعتبر عدن، المدينة التي تصغر الزمن أمام جمالها المستدام، واحدة من أجمل المدن الساحلية في العالم. تحتضن شواطئها الذهبية بصفاء ماءها الأزرق، وتجعل من جبالها الشاهقة لوحة فنية ترسمها يد الطبيعة بإحكام. في كل زاوية من زوايا هذه المدينة العريقة، تنبض الحياة بلحنٍ يعكس تراثًا ثقافيًا غنيًا، وتاريخًا ملهمًا. تُعَد عدن رمزًا لجمال الروح، حيث تتآلف ألوان السماء مع صفاء البحر الساكن، وتنسجم أصوات الأمواج مع همسات النسيم العليل.

لكن، وللأسف، فإن هذا الجمال الساحر لا يمكن أن يغطي على المعاناة الأليمة التي يعيشها أهلها. إذ تتصارع هذه المدينة بين الأمل والواقع المرير، فبينما تتلألأ نجوم السماء في لياليها الحالكة، تجد أطفالها يحلمون بطفولة مضيئة تتخطى ظروف التعتيم والانقطاع المزمن للكهرباء. تلك الظاهرة التي أصبحت جزءًا من يوميات الحياة، تترك ظلالها على كل بيت، وتُغشي النفوس بالحزن والتعب.

إن انقطاع الكهرباء ليس مجرد تحدٍّ تقني، بل هو قيد يُثقل كاهل الأسرة، حيث تُحرم العائلات من أبسط مقومات الحياة الكريمة. يتساءل الكثيرون: أين ضمائر القائمين على الأمر؟ لماذا يظل الشعب يواجه هذه الأزمات بمفرده؟ إن حكومته التي يُفترض أن تدافع عن مصالحة، تظل متراخية، مشغولة في صراعات بعيدة عن هموم المواطنين، وكأنهم يكتبون تاريخًا جديدًا من المعاناة والظلم.

لكن لا يقتصر الأمر على الظلام فقط، فبين طيات الألم يكمن شعاع أمل ينبعث من قلوب أهلها المفعمة بالحب والوطنية. إن صمود سكان عدن أمام محنهم هو تجسيد للروح المتجددة التي لا تعرف الانهزام. إنهم يواجهون التحديات بشجاعة منقطعة النظير، يسعون إلى رفع أصواتهم من أجل حقوقهم الأساسية، ويعملون بلا كلل لرسم مستقبل أفضل لأبنائهم.

عدن، المدينة التي تحوي القصص الجميلة والمعاناة المؤلمة، لا تزال تُمثل عزيمة الشعب وإرادته. تحت مظلة أشجارها الوارفة، وحجراتها الحجرية التي شهدت على أزمنة الفخر والاعتزاز، يبقى الأمل كالنجمة اللامعة في السماء. إن سكانها يعرفون جيدًا أن الليل قد يطول، ولكن فجر الغد حتمي، وأن تلك المعاناة ستتحول يومًا إلى انتصارات تُعيد إليها غنجها وجمالها.

بهذا، فإنَّ عدن تبقى أسطورة حية، لا تُحصر في صمت الألم، بل تُجسّد رغبة صادقة في التغيير، ورغبة لا تُنسى في انتزاع الحق. ولن يستكين أهلها، فالماضي يشهد على معاناة وحزن، لكن الحاضر يكتب فصلًا جديدًا من الأمل والإنجاز. عدن، ستظل منزلاً للجمال والشموخ، وللقلوب التي تتوق للعيش بكرامة في بلد يُحترم فيه الإنسان.

زر الذهاب إلى الأعلى