الفيلسوف الروسي: ألكسندر دوغين.. المسمى بـ«عقل بوتين» ماذا قال بشان الحرب في غزة..
النقابي الجنوبي

النقابي الجنوبي/ متابعات
كيف يرى الفيلسوف الروسي ألكسندر دوغين، الملقب بــ “عقل بوتين”، الحرب على غزة
إسرائيل و”حماس” ارتكبتا جرائم ضد الإنسانية ومن دون أي مبرر.
الرد الانتقامي الإسرائيلي كان أكثر قسوة.
الصراع الدائر في غزة خلق قطبا عالميا جديدا هو “القطب الإسلامي”.
الصراع الدائر في غزة يمثل تحديا للعالم الإسلامي والحضارة الإسلامية.
النظام العالمي الحالي نظام انتقالي. وما يجري الآن هو تحول من عالم القطب الواحد (ظهر بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وتفككك المعسكر السوفياتي) إلى عالم متعدد الأقطاب. أعمدة العالم متعدد الأقطاب تظهر بشكل جلي، هذه روسيا، والصين، والعالم الإسلامي، والهند، وعلى الطريق أفريقيا وأميركا اللاتينية، وفي الحقيقة هذه حضارات مستقلة، الأساسية منها ممثلة في مجموعة “بريكس” التي توحد كل هذه الحضارات خصوصا بعد قمة جوهانسبرغ 2023، وتوجيه الدعوة لانضمام المملكة العربية السعودية وإيران ومصر التي تمثل حضورا لدول رئيسة في العالم الإسلامي، وإثيوبيا التي تعزز العامل الأفريقي، والأرجنتين التي تكمل نواة دول أميركا الجنوبية. من هنا نرى أن العالم المتعدد الأقطاب يعزز موقفه كل يوم، وأن الهيمنة الغربية آخذة في الضعف.
استماتة أميركية- غربية لبقاء الأحادية
مع ذلك، فإن القيادة الغربية للعالم، وقبل كل شيء قيادة الولايات المتحدة الأميركية، تسعى إلى الحفاظ على الأحادية القطبية بأي ثمن، كما تصر على هيمنتها العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية والآيديولوجية الشاملة. هذا هو التناقض الرئيس الذي يحدث في عصرنا ويكمن هنا في تصاعد المواجهة بين الأحادية القطبية والتعددية القطبية.
وفي هذا المسار ينبغي النظر في الصراعات والإجراءت الرئيسة للسياسة العالمية، تحديدا السعي نحو إضعاف روسيا التي تؤكد نفسها وسيادتها وحضورها من جديد كقطب مستقل، ما يفسر الصراع الدائر في أوكرانيا. العالم الغربي يدعم نظام (الرئيس الأوكراني) فولوديمير زيلينسكي، فقط بهدف منع روسيا من العودة إلى الساحة العالمية كلاعب مستقل، وهذه هي السياسة التي يتبعها الرئيس فلاديمير بوتين طوال فترة وجوده في سدة الحكم، وبدأ بتعزيز السيادة السياسية للاتحاد الروسي، ووصل بالتدريج إلى التأكيد على أن روسيا حضارة مستقلة، تناهض ليس فقط الهيمنة الغربية، وإنما تناهض أيضا نظام قيمه. لقد أوضحت روسيا إيمانها بالقيم التقليدية وولاءها لها، ورفضت بحزم الليبرالية الغربية، وأجندة المثليين وغيرهما من معايير الآيديولوجيا الغربية والتي تعتبرها روسيا ضربا من الشذوذ والانحراف.
كيف سيكون شكل النظام العالمي خلال هذه المواجهة الوشيكة؟ لا توجد إجابة جاهزة هنا. والأمر الوحيد المستبعد بالتأكيد هو إنشاء نظام عالمي متماسك قوي ومستقر وأحادي القطب، وهذا هو النظام الذي يتمسك به أنصار العولمة بشدة. وفي كافة الأحوال وتحت أي ظرف من الظروف فإن العالم لن يكون أحادي القطب، فهو إما أن يكون متعدد الأقطاب وإما لن يكون موجودا على الإطلاق. وكلما تزايد إصرار الغرب على الحفاظ على هيمنته، أصبحت المعركة أكثر ضراوة، وصولا إلى الحرب العالمية الثالثة.
التعددية القطبية لن تحدث من تلقاء نفسها، والآن هناك عملية إعادة تجميع مهمة للعالم الإسلامي. وإذا تمكن المسلمون من الاتحاد في وجه عدو شرس مشترك، هنا سيظهر قطب إسلامي مكتمل. وفي رأيي أن عودة بغداد ومركزها في العراق ستكون الحل الأمثل؛ إذ تتقاطع في العراق جميع الخطوط الرئيسة للحضارة الإسلامية (العرب والسنة والشيعة والصوفيون والسلفيون والأكراد الهندو-أوروبيون والأتراك). وفي بغداد تحديدا ازدهرت العلوم والمدارس الشرعية والفلسفة والحركات الروحية، لكن هذه مجرد فرضية، على الرغم من أن العالم الإسلامي سيحتاج بالتأكيد إلى نوع من الأساس أو الأرضية المشتركة، بغداد منصة، نقطة التوازن. ولكن من أجل هذا، بالطبع، يجب أولا تحرير العراق من الوجود الأميركي.