الكاتب والصحفي الجنوبي خالد سلمان يكتب “صفقة على طاولات السياسة”

بقلم/ خالد سلمان
إشتراطات واشنطن لم تعد او بالأصح لم تكن يوماً تتصل بتغيير قواعد اللعبة، بل بإدارتها والسيطرة على مخرجاتها وإعادة توظيفها لصالح السياسة الإمريكية في المنطقة ، الموقف الإمريكي لم يتخذ قرار إزاحة الحوثي بل إحتوائه سياسياً ، بحيث يغدو خطره مسيطراً علية ، ومعاد توجيهه في سياق نظرة بانورامية واسعة الأهداف ، متعددة الديناميات ،محددة الغايات : جعل المنطقة في حالة سائلة قلقلة من عدم الإستقرار، ما يشرعن للوجود الإمريكي ويجعله ضابط إيقاع لمجمل متغيرات المنطقة.
خفت حد التوقف عمليات الحوثي في البحر الأحمر ، وجددت واشنطن تمسكها بالتسوية السياسية للملف اليمني، وإستبعاد إحتمالية التغيير بعملية قيصرية مسلحة للوضع اليمني ، بإضعاف قوى وتصعيد أخرى ، وبالتالي فإن الممنوع الإمريكي الأبرز يكمن بالخروج من تحت سقفها، ليس بتمردات عابرة محسوبة أضرارها جيداً ، بل بخروج نهائي والدخول بإحلال قوى دولية بديلة -روسيا الصين -عن السيطرة التقليدية الأمريكية في مياه وحقول نفط وغاز المنطقة ، ومجمل المصالح الجيوسياسية في جغرافية تمسك بعنق إقتصاد العالم خنقاً وإنفراجاً.
السياسة الأمريكية ترخي الحبل كثيراً ، وتربط الموقف من الحوثي بتفصيلة محددة: إبعاد كل صواريخه عن ممرات الملاحة الدولية، وهو ما يحدث حالياً ، مقابل تمكينه بتسوية سياسية من بسط هيمنته وبشراكة شكلية من الأطراف الاُخرى على مقاليد الحكم شمالاً وجنوباّ ، وهو سيناريو متفق عليه مع السعودية التي لم تخرج عن قرارها الاستراتيجي في الانسحاب من اليمن ، ولم تغلق أبواب ودروب التسوية السياسية ، أو توصد قنوات الإتصال المباشر مع الحوثي.
للتسوية التي يجري لها توضيب طاولة التفاوض، ستصعِّد قوى أكثر تشدداً وظلامية ، وستتراجع حصص قوى أُخرى محسوبة على الرياض ، وستبقى القضية الجنوبية مستنزفة بحروب مع الحوثي مسكوت عنها ومباركة ، وسياسياً سيدور الحل جنوباً في محفل إقليمي، يناور فيه هذا الجميع على آلية وكيفية إنجاز مقاربة لا تحقق فيها القضية مشروعها الرئيس الانفصال، ولكنها في ذات الوقت لا يشعر أطرافها بأنها هُزمِت وأُخرجت من معادلة التسوية.
حرباً أو سلماً هناك مساراً سياسياً يشتغل عليه الجميع دول جوار وعواصم قرار ، عنوانه ممنوع على المكونات العسكرية الموالية للرياض الحسم عسكرياً ، وما يريده الحوثي الذي يتغول سيأخذه بصفقة على طاولات السياسة.