اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

مدرسة عفاش.. من شراء الولاءات إلى التصفية الجسدية

 

صالح حقروص

إرث مدرسي في القذارة السياسية

عرف أن نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الملقب بـ«عفاش»، لم يكن يترك للخصوم مساحة للنجاة أو حتى الحياد. فقد أسس مدرسة خاصة في فنون التعامل مع المعارضين، قائمة على ثلاث مراحل متدرجة: الإغراء، ثم الابتزاز، ثم الإلغاء.

هذه المدرسة التي استمرت لعقود، تحولت إلى منظومة أمنية متشابكة تدير المال والسحر والنساء والرصاص، وتحكم قبضتها على الخصوم بلا رحمة ولا وازع.

المرحلة الأولى: الشراء بالمال

كانت البداية دائمًا بالمال. فمن يملك الثروة يملك النفوذ — وهكذا كان عفاش يتعامل مع خصومه. المال وسيلة لكسب الولاءات وشراء المواقف، حتى أولئك الذين هاجموه، سرعان ما أغراهم بصفقات أو مناصب أو عطايا تجعلهم يصمتون أو يتحولون إلى مؤيدين.

فإذا لم تنجح الرشوة، يبدأ العمل في الظل.

المرحلة الثانية: أساليب الابتزاز (السحر والنساء)

عندما يفشل المال في كسر الخصم، تُستدعى أدوات أكثر خبثًا.
وفق شهادات ومعلومات متداولة داخل أجهزة الأمن السابقة، كان النظام يستخدم أسلوبين رئيسيين:

1. السحر والشعوذة: عبر شبكات تابعة لأجهزة الأمن، تُستخدم الدجل والخرافة لتشويه الخصوم أو التأثير عليهم نفسيًا.

2. النساء والفضائح: حيث يتم استدراج بعض الشخصيات إلى علاقات محرجة تُوثق سرًا، ثم تُستخدم كأداة ابتزاز وإخضاع.

هذه الأساليب خلقت حالة رعب داخل الوسط السياسي والاجتماعي، وجعلت كثيرين يرضخون طوعًا قبل أن يصلوا إلى المصير الأسود.

المرحلة الثالثة: التصفية الجسدية

حين تفشل كل المحاولات، تبدأ المرحلة الأخيرة — الاغتيال المقنّع.
الملف يُحال إلى الاستخبارات، وهناك تُرسم تفاصيل العملية بعناية، لتبدو وكأنها «حادث عرضي» أو «ثأر قبلي» أو «عمل إرهابي مجهول».

ومن أكثر الأساليب شيوعًا:

تفجير كفرات السيارات بالغاز وإظهارها كحوادث مرورية.

زرع خصومات قبلية تُستغل لتنفيذ الاغتيال دون ترك أثر سياسي.

استخدام خلايا الإرهاب كغطاء لتنفيذ عمليات نوعية ضد الخصوم.

وهكذا تُغلق الملفات دائمًا دون أثر يربط النظام بالجريمة.

الصندوق الأسود… إرث الفضيحة والابتزاز

بعد سقوط صنعاء عام 2014، استولى الحوثيون على مقرات الأمن القومي والسياسي والاستخبارات، وهناك وجدوا ما وُصف بأنه «الصندوق الأسود لعفاش» — أرشيف ضخم يحتوي على تسجيلات وملفات وفضائح تفوق الخيال.

ذلك الصندوق تحوّل إلى سلاح ضغط رهيب مكّن الحوثيين من إحكام سيطرتهم على مسؤولين وقيادات، أجبروا كثيرًا منهم على التعاون خوفًا من الفضيحة أو الانتقام.

خاتمة: مدرسة الشرّ التي لم تُغلق بعد

مدرسة «عفاش» في الحكم لم تكن مجرد نظام سياسي، بل كانت ثقافة سلطة متوارثة، ما زالت آثارها ماثلة في المشهد اليمني حتى اليوم.

زر الذهاب إلى الأعلى