اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
مقالات الراي الجنوبي

الصور أكثر من مزرية

 

ياسر محمد الأعسم

 ما بال موكب الزائرين الذين يحاولون محو ذاكرتنا، ويغسلون أيديهم من دمائنا، ويسعرون لحمنا بثمن بخس؟.

 مؤلم ما يحدث، وحقير ما صارنا عليه، يجعلون من القاتل بطلاً، ويصنعون دولة على أرض لا يملكونها، ويحتفلون بثورة خانت زعيمها.

 وصلوا المخا، تملأ صدورهم النشوة، وبصموا صكوك الغفران بدماء آلاف الشهداء، وآلام آلاف الجرحى، ودموع آلاف الأمهات، وقهر آلاف الآباء، وأنين آلاف الأرامل والأيتام.

 صحفيون نخبة، وأسماء لا تنقصهم شهرة ولا تغنيهم صرفة.

 هؤلاء عاشوا معنا غزو 2015، ويعرفون حقيقة جرائمهم، وكانوا شهوداً على عربدة جنودهم ومدرعاتهم في شوارع عدن، وقناصيهم يترصدون نوافذنا وأزقتنا، ولم يرحم رصاصهم طفلة ولا امرأة ولا شاباً ولا شيخاً، ولا حجراً ولا شجراً.

 فتشوا صفحاتهم، ستجدونهم قد لعنوا غزوهم يوماً في منشوراتهم ألف لعنة.

 لم نعد نفهم إن كانوا قادة رأي وضمير الناس، وصوت البسطاء أم سعاة!، فهل هندسوا مواقفهم وفرمتوا ذاكرتهم، وأعادوا ضبط إعداداتهم، وباتوا مجرد أدوات تحركهم خيوط ضمن لعبة كبيرة وخطة تمكين مدروسة؟.

 نظن أنهم انفسهم يملكون الإجابة، ومتاكدون أنهم لن يستطيعوا محو ذاكرتنا، فالحقوق لا تسقط بالتقادم، فكيف إذا كانت دماء؟!.

 قد يظن بعضهم أنهم يمثلون أنفسهم، ومن حقهم التعبير عن مواقفهم الشخصية.

 أي حق هذا الذي يجعلهم يكرمون القاتل ويعاقبون الضحية؟!، وأي شرف يدعونه وهم يضعون أيديهم في يد سفكت دماء الأبرياء من أهلهم وجيرانهم وأصدقائهم؟!.

 قد لا يعنينا إن طاروا أو زحفوا، باعوا أو اشتروا، لكن ليس من حقهم أن يرقصوا على أشلائنا، ويحتفلوا على جروحنا.

 نحن الشعب الذي عاش كابوسهم، وارتكبوا جرائمهم بحقنا.

 قصفوا بيوتنا، وأرعبوا أطفالنا، وشردوا أسرنا، واستكثروا علينا الحياة والنجاة، واستهدفوا قوارب هروبنا.

 وهل ننسى جثث نسائنا وأطفالنا التي قذفتها الأمواج على سواحلنا؟!.

 بعد كل هذا القتل والدمار، بأي عقل يمكن أن نسلم بأنها مجرد “وجهة نظر” ومواقف شخصية، ونسمح بزيادة فاتورة خسائرنا ونزيف كرامتنا!.

 وقد نراهم يسيرون على خطى قيادتنا الذين تحالفوا مع من حاربونا وقتلونا.

 فإن أخذنا بهذا الرأي، فما هي الصفقة التي استدعت ذهابهم، وما المقابل لتأجيرهم مواقفهم ومنشوراتهم وتلميع صورتهم وتفخيم منجزاتهم؟.

 نرى الصورة بليدة، ورسالة معبرة عن موقف مشوه، ولا نعلم إن كان من التقطها ونشرها يدرك ما يفعل أم أنها إرادة القدر!.

 كنا نتعشم في ثباتهم ونريد أن نغير ونحذف ونزيف اكراماً لهم، ولكن حتى صورتهم تؤنبهم وتزدريهم.

 ياسر محمد الأعسم

عدن 2025/12/2

زر الذهاب إلى الأعلى