رائد عفيف يكتب: الجنوب يحتاج موقفًا لا مكابرة

كتب / رائد عفيف
آن أوان الالتفاف حول الانتقالي ونبذ العناد والحقد السياسي
في لحظة فارقة من تاريخ الجنوب، لا مجال للمجاملات، ولا وقت للمكابرة. الجنوب اليوم لا يحتاج إلى مزيد من التنظير، بل إلى موقف واضح، صادق، وشجاع. والموقف يبدأ من الاعتراف بأن المجلس الانتقالي الجنوبي هو الإطار السياسي الذي يحمل مشروعنا، ويستحق أن نلتف حوله، لا أن نشكك فيه.
لماذا لا نتعلم من الشماليين؟
الشماليون اختلفوا في كل شيء، إلا في “الوحدة”. جعلوها قاسمًا مشتركًا، مهما تباينت توجهاتهم. التفّوا حول قائدهم، رغم أن بدايته كانت معروفة، ورغم كل ما قيل عنه، إلا أنهم جعلوا منه زعيمًا، لأنهم آمنوا بالمشروع، لا بالشخص.
أما نحن، فما زال بعضنا يستكثر على قائدنا أن يكون الرجل الأول، رغم أنه أتى من ميادين القتال، من ساحات النضال، من عمق القضية، نظيف اليد، واضح الرؤية، صادق الانتماء. لماذا لا نكون مثلهم؟ لماذا لا نلتف حول قائدنا، ونمنحه الثقة التي يستحقها؟
كفى عنادًا ومكابرة… وكفى لعبًا بالمصير
العناد السياسي لا يبني وطنًا، والمكابرة لا تصنع مستقبلًا. ومن المؤسف أن بعض المتزينين بالوطنية لا يريدون إلا حصة من المنصب، فإن لم تُمنح لهم، يعطلون، ويعرقلون، بل يلعبون ضد قضية شعب الجنوب، وكأنهم يساومون على حلم وطن بأكمله مقابل مكسب شخصي. والأسوأ من ذلك، أنهم يضعفون وحدة الصف الجنوبي بالحقد والمناطقية، ويزرعون الشك بدل الثقة، والتفرقة بدل التلاحم.
وليس كل من زعل من فلان أو علان يجب أن نرضيه. الاختلاف في وجهات النظر أمر طبيعي، لكن لا يجوز أن يُربط مصير الجنوب برضا أفراد. الوطن ليس ملكًا لأحد، بل مسؤولية الجميع، وهدفنا فوق الجميع: التحرير والاستقلال، ولا رجعة عنه.
هذه ليست معارضة، بل عبث سياسي يجب أن يُكشف ويُعالج.
نحن في قلب الحروب… وأكثر الخاسرين
لا نزال نعيش حالة حرب شاملة: عسكرية، سياسية، اقتصادية، وخدماتية. ومصيرنا معلّق بيد الدول المعنية بالملف اليمني، وتحت مظلة البند السابع، حيث لا نملك قرارنا بالكامل، ولا نملك رفاهية التردد. نحن الجنوبيين أكثر من يدفع الثمن، بينما شريكنا في الوحدة لا يخسر شيئًا. فهل نواصل المكابرة؟ أم نلتف حول من يحمل مشروعنا ويقاتل لأجله؟
هل الخيانة وعدم الانتماء جنوبية بحتة؟
الجنوب لا يخون، لكنه يتألم. والانتماء لا يُقاس بالهتاف، بل بالثبات على المبدأ. والمبدأ اليوم هو استعادة الجنوب، والمجلس الانتقالي هو حامل هذا المبدأ، والمدافع عنه في كل المحافل.
لماذا لا أرى شماليًا واحدًا مؤيدًا للانفصال؟:
لأنهم يعرفون ما يريدون، ويؤمنون بمشروعهم، مهما اختلفوا. أما نحن، فبعضنا ما زال يساوم على حلمه، ويُضعف جبهته الداخلية. هذا ليس انعدام انتماء، بل انعدام وضوح. والمجلس الانتقالي اليوم هو أوضح ما لدينا، وأقوى ما لدينا، وأكثر ما يستحق أن نلتف حوله.
الخلاصة:
الجنوب لا يُستعاد بالمكابرة، بل بوحدة الصف، ووضوح الهدف، والالتفاف حول القيادة التي أثبتت أنها من الميدان، لا من الصالونات. فلنترك العناد، ولنطوي صفحة الحقد، ولنُعيد تعريف الانتماء: أن تكون حيث يكون مشروعك، أن تدعم من يحمل حلمك، أن تؤمن أن الجنوب لا يُستعاد إلا بجبهة داخلية متماسكة، لا بأصوات متفرقة، ولا بأطماع متنكرة في ثوب الوطنية، ولا بمناطقية تفتك بالثقة وتُضعف الحلم.