اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

اوكرانيا .. ماذا بعد؟!

 

كتب /ميرفت عبدالواسع

لا يمكن الحديث عن الحرب المشتعلة بين روسيا وأوكرانيا بعيدا عن التطرق لحيثيات الصراع بين روسيا والغرب من جهة، والمواجهة الدائمة بين روسيا والولايات المتحدة على أكثر من صعيد، من جهة أخرى.
صراع مؤشراته تدل على أبعاده السياسية والاقتصادية و المصالح أيضا.
فالحرب الدائرة غير معزولة عن الأمن القومي لروسيا، بل يمكن تعريفها بأنها تتويج لحالة صراع دولي على النفوذ والتأثير على القرار الدولي وإعادة رسم خارطة النفوذ، عقب انفراد أمريكا بقواعد القرار لفترة من الزمن.

فالدولة المتفككة -سابقا- “أي الاتحاد السوفيتي” اجتهدت وعبر مركزها موسكو في الحفاظ على أجزائها المستقلة عن طريق سياسات مختلفة.
في مقابل ذلك تتطلع بعض من تلك الأجزاء الى المضي بعيدا عن ذلك الرابط القديم وهذه كانت أولى ملامح انفجار شرارة الحرب التي ذهبت بالجميع إلى منحنى التصعيد من حرب تصريحات إلى مواجهة مباشرة عبر تحريك روسيا قوتها نحو أوكرانيا التي لا ترى فيها روسيا أنها جزء أصيل منها لايمكن التنازل عنه.
أما الغرب فقد أصبح يدرك ماوصلت إليه روسيا من قدرات تمكنت عبرها من التغلب على حالة التطويق، ويرى محللون أن دعم أوروبا المستميت لأوكرانيا ماهو إلا فرصة لتقليم أظفار روسيا.

اقتصاد العولمة في مهب الريح

كان لحرب روسيا على أوكرانيا إرهاصات، أبرزها: أزمة الطاقة، وتوسع في أزمة الغذاء، فضلا عن حالة التخبط التي أصابت الاقتصاد العالمي و الذي كان ينشد التعافي من انعكاسات فيروس كورونا وحالة الإغلاق الذي شهده العالم ومانتج عنها من أزمة سلاسل الإمداد.
وفي اتجاه آخر لمضار هذه الحرب ماحل باقتصاد العولمة الذي أصبح أول ضحياها.
فالاقتصاد الروسي انخرط في اقتصاد العولمة خلال السنوات الأخيرة من خلال استثمارات روسيا الضخمة في اقتصاديات الدول الأخرى، وبالتالى فوقع الحرب انعكس على ذلك الاقتصاد و على تلك الاستثمارات والشركات العاملة فيه والاقتصادات التي تنشط فيها -أيضا- خاصة قطاع التكنولوجيا والإلكترونيات وصناعة الطائرات والمعدات.

الروبل في وجه العقوبات

فرض الغرب وأمريكا عقوبات تدريجية لكبح جماح موسكو في حربها كنوع من أنواع الأسلحة التكتيكية، وهنا تجب الإشارة إلى أن أولى الصدمات على الاقتصاد من واقع الحرب لم تكن بسبب المقاطعة السريعة لدول العالم للدب الروسي بقدر ماكانت هي مشكلة التحويلات المالية نحو روسيا من الشركات والدول التي ترتبط بعلاقات اقتصادية بها.
وهذا مادفع روسيا إلى المطالبة بالدفع بالروبل نظير النفط والغاز المصدر لدول أوروبا، وهو ماأحدث حالة انقسام بين الحلفاء، لاسيما مع الحاجة المستمرة للطاقة الروسية، وبالفعل فإن شركات أوروبية في كلٍّ من ألمانيا و المجر وسلوفاكيا انصاعت لذلك، بالسداد مقابل ماتحصل عليه من خلال التحويل إلى بنك غازبرومابنك الروسي الذي تقوم عليه مهمة تحويل العملة إلى الروبل.

المقاطعة والبحث عن بدائل

تداعيات هذه الحرب لم تقتصر على الطرفين فيها؛ إذ أن هناك دولا نالت نصيب الأسد منها؛ فنصف الصادرات الروسية من النفط يذهب إلى أوروبا ولا يخفى مدى أهمية الغاز الروسي لتلك الدول . وعقب العقوبات الاقتصادية على روسيا، وتماشيا مع فك ارتباط الحاجة لأوروبا لمصادر الطاقة الروسية شرعت أوروبا وأمريكا إلى التحول لمنتج آخر؛ ليكون البديل، ومنها قطر أو نيجيريا أو الجزائر إلا أن هذه الخطوة تواجه عقبات كبيرة في التوسع نحو ذلك التحويل . ويضع محللون اقتصاديون -أيضا- فكرة الاعتماد على طاقة الرياح إلا أن تنفيذها لن يكون سهلا على المدى القصير .

سيناريوهات الحرب والاقتصاد

وضع العديد من المحللين عدة نقاط ستكون هي النهاية لتلك الحرب -كما يعتقدون- ومنها: التوصل لتسوية سياسية ترضي الجميع، أو انتصار أحد الطرفين، أو أن تعلن موسكو وقفاً للعمليات العسكرية، وكل تلك الخيارات لن تكون هي النهاية، والدليل واضح من تمسك كل طرف بما يريد .
إلا أنه ومع استمرارها لهذه الفترة من الزمن فقد أصبحت أشبه بحرب استنزاف لن تقتصر آثارها على روسيا فقط، فعواقب الحرب كبيرة على الطرف الآخر، أوكرانيا والمنطقة والعالم بأسره .
إن هذه الحرب ستكون أكثر تأثيرا على الاقتصاد العالمي من جائحة فيروس كورونا؛ إذ أنها ستؤدي إلى تغييرات جوهرية في الاقتصاد العالمي
ويبقى السؤال..
مامدى إمكانية أوروبا من الاستغناء عن الطاقة الروسية مع قرب الشتاء القادم؟ أم أنها سترضخ لإملاءات روسيا في تغيير قواعد اللعبة؟

مرفت عبدالواسع

زر الذهاب إلى الأعلى