اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

من الشائعة إلى الحقيقة… عندما يتحول الإعلام إلى فوضى رقمية!

 

كتب/ بسمة نصر

 

في زمن تتسابق فيه المنصات لنقل الخبر قبل أن تتأكد منه، أصبحت الحقيقة ضحية، والمصداقية عملة نادرة.

ما حدث مؤخرا مع إدارة الأسطورة مول لم يكن مجرد لبس في الموقع، بل فضيحة إعلامية صغيرة تكشف مرضا متفشيا: السبق على حساب الدقة، والإثارة على حساب المعلومة.

انتشرت أخبار عن “حادثة انتحار من سطح الأسطورة مول”، دون أن يكلف بعضهم نفسه حتى بالتحقق من مكان الواقعة، أو انتظار بيان رسمي يوضح الملابسات. وسرعان ما التقطتها حسابات التواصل، وتحولت إلى حديث الناس، وتناقلها من لا يعرف القصة ولا الجغرافيا.

لكن ما أثبتته إدارة المول – باحترافية وهدوء – أن الحادثة لم تقع داخل مبناهم، بل في مبنى مجاور، وأن ملابساتها لا تزال قيد التحقيق، وقد لا تكون انتحارا من الأساس.

 

– الصحافة ليست ساحة للفوضى

الخطأ وارد، نعم. لكن حين يتكرر، ويتحول إلى عادة، يصبح جريمة بحق المجتمع.

الناس تنتظر من الإعلام أن يكون عينها لا فم الفتنة. تنتظر من الصحفي أن يكون صوت الضمير، لا ناقل الشائعات.

وهنا يطرح سؤال صريح:

من يحاسب من؟ الصحافة التي تنقل الأكاذيب أم المجتمع الذي يصدقها بلا تفكير؟

 

– بيان الأسطورة مول… درس في المهنية

في وسط موجة الجدل، خرج البيان التوضيحي من إدارة الأسطورة مول بلغة مسؤولة، لا تهرب فيها ولا تهويل، مؤكدا احترامهم للرأي العام، وتعازيهم لذوي المتوفى، ومذكرا الإعلاميين بمسؤوليتهم في تحري الحقيقة قبل النشر.

 

هذا البيان لم يدافع عن مبنى فقط، بل عن مفهوم “الاحترام المؤسسي” الذي غاب في كثير من الممارسات اليوم.

احترام النفس، واحترام القارئ، واحترام الحقيقة.

 

– في الجنوب… الرأي العام حساس وذاكرته لا تمحى

في مجتمعنا الجنوبي، الكلمة لها ثقل، والصورة تتحول إلى قضية رأي عام في لحظة. لذلك، المسؤولية مضاعفة. نحن لا نملك رفاهية الخطأ في نقل المعلومة، لأن الثمن يكون دائما سُمعة شخص، أو مؤسسة، أو حتى مدينة.

ليست مهمتنا كصحفيين أن ننشر كل ما يصلنا، بل أن نتحقق، ونعيد صياغته إن تطلب، أو نكتمه إن كان سيشعل نارا بلا ضرورة.

 

خلاصة القول…

 

الإعلام ليس سلطة رابعة فقط، بل ضمير المجتمع، ومتى مات ضمير الإعلام، ماتت الثقة.

وما حصل مع “الأسطورة مول” يجب أن يكون درسا: السبق لا يبرر الكذب، ومن لا يملك الدقة لا يملك الحق في نقل ما يجهله.

زر الذهاب إلى الأعلى