سيظل الجنوب متمسكًا بخياراته السلمية و مدافعًا عن قضيته

محمد خالد
أصبحت بعض قنوات الإخوان الإعلامية، التي تلتقي مواقفها عمليًا مع خطاب المليشيات الحوثية، تمارس أسلوبًا جديدًا في التحريض على الجنوب وقضيته العادلة. فبدلًا من لغة التخوين المباشر، اتجهت إلى توصيف أكثر خبثًا، حيث تُقدَّم الجماهير الجنوبية في ساحات الاعتصام على أنها “مجموعة تكفيرية”، ولكن بعبارات ناعمة ومغلفة بادعاءات سياسية، من بينها الزعم بأن “إسرائيل ترحب بالمجلس الانتقالي”.
هذا الانحدار الإعلامي لم يأتِ من فراغ. فحين تعجز هذه المنصات عن مواجهة الحقائق على الأرض، تلجأ إلى خلط الأوراق وبث الشبهات، محاولةً تشويه نضال سلمي وشعبي عبر ربطه بقضايا خارج سياقه الحقيقي. وهي حجة مكرورة تُستخدم كلما فشلت محاولات الإقصاء والتضليل: رمي الخصم بتهمة جاهزة لإسكات صوته وإفراغ مطالبه من مضمونها.
إن الجنوب، وهو يعبّر اليوم عن إرادته في ساحات الاعتصام، لا يطرح خطاب كراهية ولا مشروع إقصاء، بل يطالب بحقوق سياسية واضحة تستند إلى تاريخ ومعاناة وتجربة طويلة. ومحاولة وصم هذا الحراك بالتكفير أو ربطه بأجندات خارجية إنما تعكس أزمة أخلاقية ومهنية لدى من يروّج لها، قبل أن تكون توصيفًا لواقعٍ لا وجود له.
الأخطر في هذا الخطاب أنه يعيد إنتاج منطق التكفير ذاته الذي عانى منه اليمنيون طويلًا، ولكن بواجهة “مدنية” وإعلامية. فالتكفير ليس فقط فتوى دينية؛ بل قد يكون تشويهًا سياسيًا يُجرّد الآخر من شرعيته ويبرر استهدافه معنويًا.
جنوب اليوم لا يواجه مجرد حملات إعلامية عابرة، بل آلة منظمة لتزييف الوعي. غير أن الوعي الشعبي، وتجربة السنوات الماضية، أثبتا أن الحقيقة أقوى من الضجيج، وأن صوت الناس حين يعلو في الساحات لا يمكن إسكاته باتهامات مستهلكة. وسيظل الجنوب متمسكًا بخياراته السلمية، مدافعًا عن قضيته، كاشفًا زيف كل خطاب يحاول النيل من إرادته