اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
مقالات الراي الجنوبي

الجنوب العربي: من صمتِ التكتيك إلى إعلان الإرادة مرحلة “القرار الأخير”

بقلم/ محمد علي تموز الشعبي

إن تاريخ الشعوب لا يُصاغ بالصدفة، ولا تُكتب فصوله الكبرى إلا حين يبلغ الوعي الجمعي نقطة لا تسمح بالعودة إلى الوراء. ان الجنوب اليوم يقف عند هذه النقطة تحديداً باللحظة الحقيقة التي تتقاطع فيها تضحيات السنوات الماضية منذ انطلاق شرارة الحراك الجنوبي انا ذاك مع إرادة سياسية ناضجة لتصنع مساراً جديداً لا يقبل المساومة ولا التأجيل.

فها هي أنهت عملية “المستقبل الواعد” زمناً طويلاً من التضليل ، وأغلقت آخر أبواب النفوذ العسكري القادم من خارج الجغرافيا والقرار ومع استعادة حضرموت والمهرة وعودة القرار الأمني والعسكري إلى حضن الجنوب، فرض المجلس الانتقالي واقعاً مغايراً واقعاً يمهّد للخطوة الأهم، وهي تحويل الانتصار الميداني إلى شرعيةٍ شعبية معلنة أمام العالم اجمع، لا لبس فيها ولا ثغرة تُستغل سياسياً.

ومن هنا جاءت دعوة المجلس الانتقالي الجنوبي للاعتصام في كل الساحات والميادين الجنوبية للمطالبة بان الشعب يطالب باستعادة حقه وان المسألة لم تعد مجرد تحرك احتجاجي أو حشد رمزي، بل دخول مباشر في المرحلة التي تُعلن فيها الشعوب عن خياراتها الوجودية و إنها لحظة تأسيس لشرعية جديدة، قوامها الإرادة الشعبية قبل الوثائق الدولية، والتفويض الجماهيري قبل لغة البيانات.

وفي هذا السياق، يستعيد الجنوبيون ذاكرتهم العبارة التي قالها الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي ذات يوم: “سنمضي حتى استعادة الحق ونيل الاستقلال” ولم تكن تلك الكلمات مجرد شعار مرحلي، بل التزاماً صريحاً وصادقا في كلمته” عهـد الرجال للرجال ” وها هو اليوم وبعد أن تقدمت إرادة الجنوب برجاله ونسائه وشبابه تحت راية مشروع وطني واضح، تتجلى ملامح هذا العهد بصورة لا يمكن إنكارها.

فالرئيس القائد عيدروس الزبيدي بإصراره السياسي والعسكري لم يقد مسار التحرير فحسب، بل قاد عملية إعادة تعريف الجنوب لنفسه، وفرض موقعه في المعادلة الإقليمية بوصفه كياناً قادرًا على إدارة معركته ورسم مستقبله.

غير أن متغيرات التحديات الكبرى لا تُرهب الشعوب الكبيرة كشعب الجنوب بتاريخه ونضاله فهو أثبت أنه حين ينهض، لا يقدر أحد على كسر اندفاعه..

فكل محاولات الالتفاف على قضيته، أو تصويرها كملف خدماتي أو معيشي، سقطت أمام مشهد شعب لم يتراجع منذ انطلاق شرارة ثورة الحراك الجنوبي السلمي انا ذاك وحتى اللحظة الراهنة، مقدماً قوافل من الشهداء التي أصبحت اليوم أساساً صلباً للنصر واستعادة الكرامة.

فالتضحيات التي امتدت منذ اندلاع شرارة ثورة الحراك الجنوبي السلمي حتى اليوم لم تُقدّم بلا مقابل، بل أزهرت واقعاً جديداً، وسيصونه الشعب كما صان أرضه، وسيستكمله حتى بلوغ هدفه الكامل

وعندما ينزل الشعب إلى الساحات، فإنه لا يُسجل موقفاً عابراً، بل يمنح قيادته تفويضاً واضحاً للانتقال بالمعركة إلى مرحلتها السياسية النهائية مرحلة إعلان الاستقلال وطلب الاعتراف الإقليمي والدولي بحقه غير القابل للنقاش . فتاريخ الحركات التحررية يؤكد أن اللحظة التي تلتقي فيها القوة العسكرية بالإرادة الشعبية، هي اللحظة التي تُحسم فيها معارك المصير.

إن الجنوب اليوم ليس كما قبله فهو يقف اليوم على عتبة مرحلة جديدة, مرحلة لم يعد فيها السؤال:“متى سيُعلن ذلك رسمياً؟

وعليه، فإن اللحظة ليست سياسية فقط، بل لحظة يُعاد فيها بناء الهوية وتثبيت الحق، ويؤكد فيها الشعب الجنوبي أنه وحده صاحب القرار، وأن زمن الوصاية انتهى .

زر الذهاب إلى الأعلى