اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
مقالات الراي الجنوبي

من يحمل قضية عادلة يمتلك الشرعية الأمتن

من يحمل قضية عادلة يمتلك الشرعية الأمتن

كتب/ بشير الهدياني

أقرأ الواقع جيداً، وأتابع تفاصيل أحداثه لحظةً بلحظة، وهذه المتابعة الدقيقة تمنحني القدرة على استشراف المسار الذي ستتجه إليه الأحداث مستقبلاً. ورغم كل ما يشهده الجنوب من تقلبات وأزمات، وبروز قوى تحاول صناعة الفوضى أو إعادة تدوير نفوذها، فإن الثابت أن الباطل لا يستقر مهما بدا قوياً، وأن الصحيح لا بد أن يصح في النهاية. فالحق، حين يحاصر بالأزمات، قد يدفع أصحابه إلى لحظات من اليأس، لكنه لا يموت.

الجنوب مرّ في تاريخه الحديث بمحطات بالغة التعقيد، وكان الثمن دائماً مرتبطاً بتمسك أبنائه بحقهم الشرعي والعادل في استعادة دولتهم كاملة السيادة. وكلما زادت قوة هذا التمسك، ازدادت محاولات إنهاكه، سواء من قوى داخلية مرتبطة بالماضي أو ممن يقرأون الجنوب باعتباره ساحة نفوذ لا قضية شعب.

وفي الوقت ذاته، تتحرك القيادة السياسية في الداخل ضمن إطار إقليمي ودولي ضاغط، لا يتيح لها مساحة واسعة لاتخاذ قرارات إصلاحية أو سياسية يمكن أن تُحدث أثراً مباشراً في حياة الناس. وهو ما جعل الأزمات مستمرة، بل ومتفاقمة، دون حلول جذرية، رغم الجهود المبذولة ومحاولات إثبات الحضور والتأثير.

لكن قراءة المشهد الأوسع تكشف حقيقة مهمة: الخارطة الإقليمية اليوم تتحرك نحو إعادة توزيع النفوذ، والجنوب جزء أساسي من هذه الحسابات، بحكم موقعه وثرواته وقدرته على فرض واقع مختلف إذا امتلك القرار. القوى الدولية لم تعد تتعاطى مع الجنوب بمنطق ما قبل سنوات، بل تدرك أن هناك قوة شعبية وعسكرية وسياسية راسخة على الأرض، يصعب تجاوزها أو كسر إرادتها.

وهنا تتجلى الفكرة الأهم: من يسيطر على الأرض يمتلك الكلمة الأقوى، ومن يحمل قضية عادلة يمتلك الشرعية الأمتن. ومعادلة الجنوب تجمع بين الاثنين، وهذا ما يجعل المستقبل – رغم العثرات – يميل في نهاية المطاف لصالح مشروعه الوطني، بشرط استمرار الوعي السياسي، والمحافظة على وحدة الموقف، واستثمار اللحظة الإقليمية المتغيرة بذكاء وحنكة.

بشير الهدياني.

زر الذهاب إلى الأعلى