الجوهري يكتب: بيان الواقع الذي لا يُجمَّل

علي الجوهري
لم يكن تسليم المنطقة العسكرية الأولى في سيئون خطوة عسكرية فحسب… بل انتهاء عصرٍ كامل من فرض القوة بلا شرعية.
المجلس الانتقالي الجنوبي لم يقدّم نفسه عبر خطابٍ إعلامي، بل ترجم حضوره إلى قوة على الأرض، مؤكِّدًا عبر العرض العسكري أن موازين النفوذ تغيّرت، وأن زمن الوصاية انتهى بلا رجعة.
الجماهير الحضرمية في الوادي والصحراء خرجت في مليونية 14 أكتوبر، ثم أكدت موقفها في مليونية 30 نوفمبر، بفرحٍ عفوي لم تصنعه غرف السياسة، بل صنعته ذاكرة المعاناة، حين أدرك الناس أن رحيل قيادة المنطقة لم يعد حلمًا، بل حقيقة تُكتب بأقدامهم قبل أقلام المحللين.
ما اعتبرته القيادة السابقة “تنظيمًا أمنيًا” بوضع النقاط ومنع الحشود… كان في الحقيقة الهزيمة المعنوية الأخيرة، وسقوط هيبة السلاح أمام شعبٍ لم يعد يخشى البندقية حين كسرته القناعة بالحق.
القرار لم يكن داخليًا فحسب، بل جاء منسجمًا مع توافقٍ إقليمي فرضته الوقائع، بعد سنوات من:
نهب الثروة، حماية شبكات التهريب، ورعاية جماعات الفوضى والإرهاب.
وعندما طُلب التسليم السلمي من الجانب السعودي، لم يكن عرضًا للنقاش، بل إعلانًا لنهاية الرفض، لأن القوة البديلة الجاهزة على أسوار المدينة لم تعد مجرّد تهديد… بل خيار الحسم إن لزم الأمر.
الخلاصة:
من يحكم الأرض دون أهلها… يسقط بقوة الزمن، ولو ملك السلاح.
ومن يملك الناس والأرض… يفرض المعادلة ثم يكتب النصر.
هكذا تنهار الهيمنات، وهكذا تنتصر الإرادات.