حضرموت والجنوب… تاريخ الوفاء وصمود الهوية

كتب / رائد عفيف
السؤال الذي يفرض نفسه:
لماذا يُعتبر دخول أي عسكري جنوبي إلى ساحل حضرموت جريمة واحتلالًا واستفزازًا، بينما دخول العسكري الشمالي إلى وادي حضرموت أمرًا طبيعي لا يثير اعتراضًا؟
في حضرموت، المفارقة صارخة.
على الساحل، يُصوَّر الجنوبي كأنه دخيل غريب عن الأرض التي ينتمي إليها تاريخًا وهويةً، بينما في الوادي يُفتح الباب واسعًا أمام الشمالي بلا مساءلة، وكأن الأمر حق مكتسب لا يحتاج إلى تبرير. القضية ليست مجرد وجود عسكري، بل هي معركة هوية وكرامة.
قبل حوالي 500 سنة، وقع الغزو الزيدي لقوات الإمام القادمة من صنعاء على حضرموت، فاتجهت حضرموت إلى الجنوب ودعته لنصرتها، فلبّى الجنوب النداء ومعه قبائل حضرموت، وتم تحرير الأرض من المحتلين. ذلك المشهد التاريخي يثبت أن الجنوب كان دائمًا السند، وأن حضرموت لم تكن يومًا وحدها في مواجهة الغزاة.
سقط الشهيد سعد بن حبريش، فهبّ الجنوب كله ليكتب أن الدم لا يُباع والوفاء لا يُشترى.
تحرير المكلا والساحل لم يكن بشعارات الإخوان ولا بجيوش الشمال، بل كانت مدرعات وسلاح الإمارات بأيدي رجال النخبة الحضرمية، ومعهم رجال الجنوب الذين قاتلوا على الأرض وقدموا التضحيات. واليوم يتنكر الكثير لهذا الدور ويشوّهونه، لكن الواقع يشهد أن التحرير كان ثمرة شراكة صادقة، وأن النصر لا يُصنع بالكاميرات ولا بالشعارات، بل بالدماء والتضحيات.
أما الشمال فقد جرّب كل الأساليب: الحرب، شراء الذمم، الإرهاب، ورفع أسعار العملات، لكنه فشل أمام وعي وصمود شعب الجنوب.
ويجب أن يعرف إخوتنا في حضرموت أن صراعنا الحقيقي ليس معكم، بل مع الإخوان في حزب الإصلاح الذين يسعون لشق الصف الجنوبي وإضعافه. حضرموت ورجالها هم نبض الجنوب وصوت الأرض والكرامة.
من سيقف إلى جانبكم ويحزن لأجلكم ويغضب لما يضركم هم أبناء جلدتكم الجنوبيون وحدهم.
فالجنوب هو بيتنا جميعًا، وحضرموت ورجالها هم نبضه الذي لا ينطفئ مهما حاول الإعلام أن يزوّر الحقيقة.
حضرموت اليوم تُدار بمنطق أعوج: ساحل محرّم على الجنوبيين، ووادي مشرّع للشماليين. لكن هذه الازدواجية لن تدوم، لأن الأرض تعرف أبناءها، والتاريخ لا يرحم من يزوّر الحقائق. إنها قضية وجود، والجنوب لن يقبل أن يُعامل كغريب في أرضه بعد الآن.