موقف القانون الدولي من مطالب المجلس الانتقالي الجنوبي لاستعادة الدولة

توفيق جوزليت
تشكل مطالب المجلس لاستعادة الدولة الجنوبية إحدى القضايا الجوهرية التي تواجه المنتظم الدولي في منطقة اليمن. ومن أجل فهم الأبعاد القانونية والسياسية لهذه المطالب، يجب النظر إليها من منظور القانون الدولي . إذ ينص ميثاق الأمم المتحدة على حق الشعوب في تقرير مصيرها. و يستند المجلس الانتقالي في مطالبه إلى هذا المبدأ، معتبرًا أن الشعب الجنوبي يمتلك هوية متميزة وثقافة خاصة تؤهله لتقرير مصيره في استعادة دولته.
ينظم القانون الدولي العام مسألة الانفصال من خلال مبدأين متعارضين ظاهريًا: مبدأ وحدة وسلامة أراضي الدول (Territorial Integrity)
منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة (المادة 2 فقرة 4)..و حق الشعوب في تقرير المصير (Right to Self-Determination) منصوص عليه في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (المادة 1).
كما أنه يُجيز للشعوب تقرير وضعها السياسي، خصوصًا في حالات الاستعمار، الاحتلال، أو التمييز الشامل.
المجلس الانتقالي الجنوبي في مطالبته بالاستقلال باستعادة الدولة يؤكد أنّ الجنوب كان دولة مستقلة (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) حتى 1990. وأن الوحدة تمت عبر اتفاق سياسي وليس اندماج قسري.
وفشل الوحدة بعد حرب 1994، التي أدت إلى فرض هيمنة عسكرية وسياسية من الشمال وتهميش اقتصادي وخدمي ممنهج للجنوب لعقود وانهيار الدولة المركزية بعد 2015، مع غياب حكومة فاعلة على الأرض.و قدرته على سيطرة فعلية على مؤسسات ومناطق واسعة في الجنوب.
من منظور القانون الدولي لا تُعتبر مطالبة المجلس الانتقالي الجنوبي بالاستقلال مقنعة بالكامل قانونيًا في وضعها الحالي، لكنها تقوم على أسس سياسية وتاريخية قوية، وقابلة للتطوير قانونيا إذا استُوفيت الشروط القانونية والسياسية اللازمة، فالقانون الدولي لا يعترف بحق تقرير المصير أو تأسيس دولة مستقلة إذا كان المشروع يمثل فئة أو جماعة واحدة دون باقي المكونات ، وعليه فإن الشروط الواجب توفرها لتقوية الشرعية القانونية و تحويل المطالبة إلى حق قانوني قابل للاعتراف، يجب على المجلس توفير أدلة موثقة على التمييز الممنهج أو الفشل الدستوري. ..تقوية الجبهة الداخلية ليصبح للجنوبيين الصوت الواحد و هو عامل حاسم في تقوية مطالبتهم بالاستقلال من منظور القانون الدولي، لأنه يُثبت أنهم “شعب” موحّد له إرادة واضحة.و السعي لحل تفاوضي قبل أي إعلان الإنفصال.
لا يرفض القانون الدولي لحق المجلس الانتقالي في السعي لاستعادة الدولة، لكنه يشترط أن تكون المطالب مستندة إلى شرعية وطنية واضحة، ووحدة وطنية جنوبية، وقابلية سياسية وقانونية لتحقيق استعادة الدولة