السنيدي يكتب: الضالع تتحدث بلسان الجنوب: تجديد التفويض واستمرار الثورة

أبوناصر فانون السنيدي
في لحظة وطنية استثنائية تفيض بالعزة والإصرار، احتشدت جماهير الجنوب في الضالع الأبية لتصنع مشهدًا سيظل حاضرًا في ذاكرة الأجيال، مجددة العهد مع ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، ومؤكدة أن استعادة الدولة الجنوبية ليست خيارًا سياسيًا، بل قدرًا وحقًا تاريخيًا لا رجعة فيه.
رغم مرارة العيش، وانقطاع الرواتب، وغياب الخدمات، خرجت الحشود بقلوب عامرة بالإيمان بعدالة قضيتهم، رافعين أعلام الجنوب وصور الشهداء، في مشهد يجسد الوفاء للأرض والتاريخ والتضحيات، ويبعث برسالة واضحة للعالم مفادها أن إرادة الشعوب لا تموت، وأن الجنوب ما زال متمسكًا بحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته الحرة المستقلة.
الضالع اليوم لم تكن مجرد ساحة احتفال، بل كانت منصة لتجديد التفويض الشعبي للمجلس الانتقالي الجنوبي وقيادته ممثلة بالرئيس عيدروس قاسم الزبيدي، تأكيدًا على الثقة الشعبية الراسخة في قيادته السياسية والعسكرية، وعلى المضي قدمًا نحو الهدف الأسمى الذي ارتوت بدماء الشهداء منذ انطلاقة الحراك الجنوبي وحتى اليوم.
إن الحشود المليونية التي غطت الأفق، في ظل هذه الظروف الصعبة، تمثل استفتاءً شعبيًا صريحًا على تمسك أبناء الجنوب بمسارهم النضالي، وإصرارهم على انتزاع حقوقهم بالوسائل السياسية المشروعة، ومواجهة كل مشاريع التهميش والإقصاء التي مورست ضدهم لعقود طويلة.
الرسالة التي خرجت من الضالع اليوم ليست موجهة للداخل الجنوبي فحسب، بل للعالم أجمع:
أن الجنوب لا يُرهب بالتجويع، ولا يُشترى بالمساعدات، ولا يُساق بالإملاءات، فالإرادة الشعبية أقوى من كل محاولات الالتفاف أو الإخضاع.
لقد أثبتت الجماهير الجنوبية مرة أخرى أن الثورة ليست ذكرى تُحتفل بها، بل مسيرة مستمرة من الوعي والتحدي والبناء، وأن الوفاء لتضحيات الأباء والأجداد يكون بالتمسك بأهدافهم لا بالشعارات الفارغة.
إن خروج هذا الكم الهائل من الناس، في وقت كهذا، هو أصدق رد على كل من ظن أن الجوع يمكن أن يطفئ جذوة الحرية، أو أن الأزمات قادرة على كسر إرادة الجنوب.
فالضالع اليوم تحدثت باسم الجنوب كله، وقالت كلمتها الواضحة:
لن نحيد عن درب الاستقلال، ولن نرضى بغير دولتنا الجنوبية هدفًا ومصيرًا.