الجنوب يخيفهم كونه لا يُركع ولا يُكسر

كتب / رائد عفيف
في زمنٍ تتكاثر فيه الأقنعة، وتُرفع فيه رايات الزيف، يظن البعض أن الكذب يمنحهم شرعية، وأن التزييف طريقٌ للمجد. لكن الحقيقة لا تُشترى، والواقع لا يُزاح، وكلٌّ يعرف موقعه، ويعرف نذالته، مهما حاول أن يتجمّل أو يختبئ خلف الشعارات.
الجنوب لا يُقاس بمن يصرخ أكثر، بل بمن يصمد أكثر. لا يُختزل في صورة أو منشور، بل يُجسّد في مواقف الرجال، وفي وعي شعبٍ لا يُخدع، ولا يُباع، ولا يُساوم.
ولتكن انتقاليًا أو كُن ما تريد، لكن حين يصطف الشماليون جميعًا ضد الانتقالي، فاعلم أن المستهدف ليس عيدروس الزبيدي لشخصه، ولا الانتقالي كمكون، بل الجنوب نفسه. الجنوب الذي قرر أن يكون له صوت، فحاربوه. الجنوب الذي أراد أن ينهض، فحاصروه.
لسنواتٍ طويلة، والحوثي يسومهم سوء العذاب في الشمال، ولم نرَ لهم موقفًا حقيقيًا ضده، لأنه منهم، وهو منهم. أما الانتقالي، فقد كان المكون الوحيد الذي استطاع أن يوجعهم سياسيًا وعسكريًا، فاجتمعوا عليه.
غابوا عن الميدان… وظهروا في شاشات الوهم يتقنون الخطابة، ويتفنّنون في نشر الأكاذيب وتزييف الحقائق، ويُجيدون صناعة الضجيج بدلًا من صناعة الموقف.
يبيعون الكلام ويشترون التصفيق، بينما الجنوب يدفع الثمن من دمه وكرامته.
لا تكن انتقاليًا إن لم تشأ، ولكن كُن جنوبيًا. كُن وفيًا للأرض، للكرامة، للتاريخ، للدماء التي سُفكت من أجل أن يكون للجنوب صوتٌ لا يُشترى ولا يُكسر.
نحن لا نكتب لنُرضي، بل لنُذكّر. لا نُجامل، بل نُعرّي الزيف. الجنوب لا يحتاج إلى تزييف الصور، بل إلى صدق المواقف. ومن ظنّ أن الكذب انتصار، فليفرح مؤقتًا… لأن الحقيقة لا تموت، والجنوب لا يُركع ولا يُكسر.