استهداف حماس في قطر: قراءة في البعد السياسي والانعكاسات الإقليمية

كتب/ الباحث السياسي د. بسام اليافعي
في لحظة مشبعة بالتوترات الإقليمية، يبرز خبر استهداف شخصيات من حركة حماس في قطر كعلامة فارقة في مسار الصراع الممتد بين الحركة وإسرائيل.
فالمكان هذه المرة ليس غزة المحاصرة ولا الضفة المحتلة ولا حتى بيروت أو دمشق، بل الدوحة، العاصمة التي ارتبط اسمها منذ سنوات بدعم سياسي ومالي وإنساني للقضية الفلسطينية.
– ما وراء المكان: قطر كرسالة مزدوجة
الاستهداف في قطر لا يقرأ فقط باعتباره “عملية أمنية”، بل باعتباره رسالة سياسية متعددة الاتجاهات.
فمن جهة، تسعى إسرائيل إلى القول إن قيادات حماس لا ملاذ لهم، حتى في دول تتمتع بحماية أمنية وعلاقات دولية قوية.
ومن جهة أخرى، يشكل هذا الحدث ضغطا مباشرا على الدوحة، التي لطالما لعبت دور الوسيط بين حماس والغرب، وبين الحركة وإسرائيل نفسها في صفقات تبادل الأسرى أو التهدئة.
– قطر بين الإحراج والفرصة
الدوحة تجد نفسها في موقف بالغ الحساسية. فهي مطالبة بالحفاظ على صورتها كعاصمة دبلوماسية وسيطة، وفي الوقت نفسه مضطرة لطمأنة حلفائها الغربيين بأنها ليست “بيئة مفتوحة لعمل الفصائل المسلحة”. أي إخلال بهذا التوازن قد يفتح الباب لتشكيك في دور قطر الوسيط، أو محاولة دفعها لتقليص علاقتها مع حماس.
لكن في المقابل، قد يمنح هذا الهجوم قطر ورقة جديدة لتأكيد أنها “لاعب لا غنى عنه”، باعتبارها طرفا مباشرا في إدارة ملف شديد التعقيد.
– حماس ومعضلة الخارج
بالنسبة لحماس، يضع الاستهداف في قطر علامة استفهام حول “أمان” قياداتها في الخارج. فبعد أن تراجع هامش وجودها في دمشق وبيروت، تحولت الدوحة وإسطنبول إلى أبرز مراكز نشاطها السياسي.
إذا تكرر هذا النوع من الاستهداف، فقد تضطر الحركة إلى إعادة توزيع مراكز ثقلها أو حتى اللجوء إلى ترتيبات سرية أكثر تعقيدا، وهو ما قد يؤثر على نشاطها السياسي الخارجي.
– انعكاسات إقليمية
الحدث يفتح الباب أمام موجة جديدة من التوترات الإقليمية. فاستهداف في قطر لا يقتصر على كونه مواجهة بين “إسرائيل وحماس”، بل قد يقرأ كخرق غير مباشر “للسيادة القطرية”، ما يضع دول الخليج الأخرى أمام تساؤل: هل هي بدورها عرضة لمثل هذه الاختراقات؟
( استهداف حماس في قطر، إذا تأكدت تفاصيله، لا يمكن اعتباره مجرد تطور أمني. هو تحول استراتيجي يسعى إلى إعادة رسم قواعد اللعبة: تقويض الملاذات الآمنة، إحراج الداعمين، وزعزعة ثقة الحركة في قدرتها على المناورة الخارجية).
وفي المقابل، قد يدفع هذا الاستهداف الأطراف المختلفة من “قطر إلى حماس” وصولا إلى القوى الإقليمية إلى إعادة حساباتها بدقة أكبر في مشهد لا يعرف السكون.