اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
أدب وثقافة

قصة قصيرة للقاصة الجنوبية سحر عبداللاه تحت عنوان (إعدام اضطراري)

سحر عبداللاه صالح

كنتُ جالسة أمام المرآة، أضع مساحيق التجميل وأسرح شعري استعدادًا لحضور حفل زفاف أحد أقارب صديقتي، وعندما انتهيت توجهت مباشرة إلى القاعة التي سيقام فيها العُرس، فجلست مع صديقاتي نتبادل الأحاديث، وما إن دخلا العروسين حتى كاد كأس العصير أن يسقط من بين يدي، فهمست إحداهن بأذني: أليست هي نفسها يا رغدة؟!
حينها عادت الذكريات مجددًا، فأنا لم أنسَ ذلك اليوم عندما حاولتُ إقناع والدها بشتىء الطرق، بل وازداد إصراره على تنفيذ قراره، فلم أستطع النوم عندها، وكنتُ أفكر بحلول لإنقاذها كوني معلمتها إلا أن محاولاتي باءت بالفشل، فاستلم ملفها بالكامل من إدارة المدرسة وقبل مغادرته تحدثت إليه:
– أرجوك يا سيدي، فكر مليًا بالأمر، فقد شارفت الامتحانات على الأبواب.. دعها تجتاز الصف التاسع على الأقل.
– اعذريني يا أستاذة، فأنا سأسافر قريبًا، وأريد الاطمئنان على مستقبلها.
– لا يزال الوقت مبكرًا على ذلك، فهي في بداية عمرها، وأنت بهذه الطريقة تقتل آمالها، وخاصةً أنها لديها شغف بأن تكون عالمة وهي من الأوائل.
– ههههه عالمة!
– يكفي أن تجيد القراءة والكتابة، أما غير ذلك فلتصبح عالمة في بيت زوجها.
لم تثمر محادثتي له في شيء، وقد تألمتُ كثيرًا لحماسها المتزايد للدراسة، فقد كنتُ أرى بريق عينيها أثناء مناقشتها لأي درس، ولكن ما الذي تفعله هنا ومع هذا العريس الذي بدا كوالدها بجانبها، ألم تتزوج في تلك الفترة؟!
عندئذ استفسرت من إحدى الحاضرات عن الأمر والتي كانت من المقربين لها، فأجابتني: أنها تطلقت قبل سنة؛ بسبب معاملة عائلة زوجها السيئة ولديها طفلان، وما إن تقدم شخص آخر لها حتى أرغموها على الزواج منه..
فسألتها:
– وماذا عن طفليها؟!
– قامت عائلتها بإرسالهم إلى والدهم ليتحمل مسؤوليتهم رغم توسلاتها.
وفي تلك الأثناء، وبينما كانت العروس تتناول من الكعكة من يد العريس، سقطت أرضًا مغشًى عليها، فقفزت حينها من مكاني، وتوجهت إليها وسط الفوضى العارمة التي حصلت جراء ذلك، خفت كثيرًا عندما رأيتُ شيئًا أبيض يخرج من فمها وكنت أصيح حتى يتصل أحدهم بالإسعافات، فتم نقلها مباشرة إلى المستشفى ورافقتها أيضًا، والحمد لله أنها نجت في آخر لحظة، ولكننا صُدمنا عندما قال الطبيب أنها تسممت، ولم تمر نصف ساعة حتى أفاقت فدخلنا أنا وعائلتها للاطمئنان عليها، وكانت والدتها تذرف دمعًا وهي تردد: لمَ أقدمتِ على هذا الفعل يا ابنتي؟هل تريدين أن تحرقي قلبي عليك؟!
إلا أنها أجابت باستغراب: ما الذي تقصدينه يا أمي؟
– ألم تحاولي قتل نفسك؟!
– لا، لم أفعل ذلك إطلاقًا!
فتدخلت إحداهن قائلة: أيعقل أن تكون هي؟!
فسألتها: من تقصدين؟!
– تلك المرأة، نيرمين زوجته الأولى، فقد كانت تقف أمام كأسين من عصير العروسين، وفجأة عندما شاهدتني ارتبكت وأدخلت عبوة صغيرة إلى حقيبتها.
فضربت الأم على رأسها وهي تتمتم: يا خوفي على ابنتي!
عندئذ خرج الأب من الغرفة فلحقته ومن ثم قلت له: أهكذا اطمأنت على ابنتك؟!

زر الذهاب إلى الأعلى